Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 37-47)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرّيحَ } فذللناها لطاعته إجابة لدعوته وقرىء « الرياح » . { تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاءً } لينة من الرخاوة لا تزعزع ، أو لا تخالف إرادته كالمأمور المنقاد . { حَيْثُ أَصَابَ } أراد من قولهم أصاب الصواب فأخطأ الجواب . { وَٱلشَّيَـٰطِينَ } عطف على { ٱلرّيحَ } . { كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ } بدل منه . { وَءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِى ٱلأَصْفَادِ } عطف على كل كأنه فصل الشياطين إلى عملة استعملهم في الأعمال الشاقة كالبناء والغوص ، ومردة قرن بعضهم مع بعض في السلاسل ليكفوا عن الشر ، ولعل أجسامهم شفافة صلبة فلا ترى ويمكن تقييدها ، هذا والأقرب أن المراد تميل كفهم عن الشرور بالإِقران في الصفد وهو القيد ، وسمي به العطاء لأنه يرتبط به المنعم عليه . وفرقوا بين فعليهما فقالوا صفده قيده وأصفده أعطاه عكس وعد وأوعد وفي ذلك نكتة . { هَـٰذَا عَطَاؤُنَا } أي هذا الذي أعطيناك من الملك والبسطة والتسلط على ما لم يسلط به غيرك عطائنا . { فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ } فاعط من شئت وامنع من شئت . { بِغَيْرِ حِسَابٍ } حال من المستكن في الأمر ، أي غير محاسب على منه وإمساكه لتفويض التصرف فيه إليك أو من العطاء أو صلة له وما بينهما اعتراض . والمعنى أنه عطاء جم لا يكاد يمكن حصره ، وقيل الإِشارة إلى تسخير الشياطين ، والمراد بالمن والإِمساك إطلاقهم وإبقاءهم في القيد . { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ } في الآخرة مع ما له من الملك العظيم في الدنيا . { وَحُسْنَ مَئَابٍ } هو الجنة . { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ } هو ابن عيص بن إسحاق وامرأته ليا بنت يعقوب صلوات الله عليه . { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } بدل من { عَبْدَنَا } و { أَيُّوبَ } عطف بيان له . { أَنّى مَسَّنِىَ } بأن مسني ، وقرأ حمزة بإسكان الياء وإسقاطها في الوصل . { ٱلشَّيْطَـٰنُ بِنُصْبٍ } بتعب . { وَعَذَابٍ } ألم وهي حكاية لكلامه الذي ناداه به ولولا هي لقال إنه مسه ، والإِسناد إلى { ٱلشَّيْطَـٰنِ } إما لأن الله مسه بذلك لما فعل بوسوسته كما قيل إنه أعجب بكثرة ماله أو استغاثة مظلوم فلم يغثه ، أو كانت مواشيه في ناحية ملك كافر فداهنه ولم يغزه ، أو لسؤاله امتحاناً لصبره فيكون اعترافاً بالذنب أو مراعاة للأدب ، أو لأنه وسوس إلى أتباعه حتى رفضوه وأخرجوه من ديارهم ، أو لأن المراد بالنصب والعذاب ما كان يوسوس إليه في مرضه من عظم البلاء والقنوط من الرحمة ويغريه على الجزع ، وقرأ يعقوب بفتح النون على المصدر ، وقرىء بفتحتين وهو لغة كالرشد والرشد وبضمتين للتثقيل . { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ } حكاية لما أجيب به أي اضرب برجلك الأرض . { هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } أي فضربها فنبعت عين فقيل هذا مغتسل أي ماء تغتسل به وتشرب منه فيبرأ باطنك وظاهرك ، وقيل نبعث عينان حارة وباردة فاغتسل من الحارة واشرب من الأخرى . { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ } بأن جمعناهم عليه بعد تفرقهم أو أحييناهم بعد موتهم ، وقيل وهبنا له مثلهم . { وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } حتى كان له ضعف ما كان . { رَحْمَةً مّنَّا } لرحمتنا عليه { وَذِكْرَىٰ لأُوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ } وتذكيراً لهم لينتظروا الفرج بالصبر واللجأ إلى الله فيما يحيق بهم . { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً } عطف على اركض والضغث الحزمة الصغيرة من الحشيش ونحوه . { فَٱضْرِب بّهِ وَلاَ تَحْنَثْ } روي أن زوجته ليا بنت يعقوب وقيل رحمة بنت افراثيم بن يوسف ذهبت لحاجة فأبطأت فحلف إن برىء ضربها مائة ضربة ، فحلل الله يمينه بذلك وهي رخصة باقية في الحدود . { إِنَّا وَجَدْنَـٰهُ صَابِراً } فيما أصابه في النفس والأهل والمال ، ولا يخل به شكواه إلى الله من الشيطان فإنه لا يسمى جزعاً كتمني العافية وطلب الشفاء مع أنه قال ذلك خيفة أن يفتنه أو قومه في الدين . { نِعْمَ ٱلْعَبْدُ } أيوب . { إِنَّهُ أَوَّابٌ } مقبل بشراشره على الله تعالى . { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرٰهِيمَ وَإِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ } وقرأ ابن كثير « عَبْدَنَا » وضع الجنس موضع الجمع ، أو على أن { إِبْرَاهِيمَ } وحده لمزيد شرفه عطف بيان له ، { وَإِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ } عطف عليه . { أُوْلِى ٱلأَيْدِى وَٱلأَبْصَـارِ } أولي القوة في الطاعة والبصيرة في الدين ، أو أولي الأعمال الجليلة والعلوم الشريفة ، فعبر بالأيدي عن الأعمال لأن أكثرها بمباشرتها وبالأبصار عن المعارف لأنها أقوى مباديها ، وفيه تعريض بالبطلة الجهال أنهم كالزمنى والعماة . { إِنَّا أَخْلَصْنٰهُمْ بِخَالِصَةٍ } جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة لا شوب فيها هي : { ذِكْرَى ٱلدَّارِ } تذكرهم الدار الآخرة دائماً فإن خلوصهم في الطاعة بسببها ، وذلك لأن مطمح نظرهم فيما يأتون ويذرون جوار الله والفوز بلقائه وذلك في الآخرة ، وإطلاق { ٱلدَّارِ } للاشعار بأنها الدار الحقيقية والدنيا معبر ، وأضاف نافع وهشام { بِخَالِصَةٍ } إلى { ذِكْرِى } للبيان أو لأنه مصدر بمعنى الخلوص فأضيف إلى فاعله . { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } لمن المختارين من أمثالهم المصطفين عليهم في الخير جمع خير كشر وأشرار . وقيل جمع خير أو خير على تخفيفه كأموات في جمع ميت أو ميت .