Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 57-65)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِى } بالإرشاد إلى الحق . { لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } الشرك والمعاصي . { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِى كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } في العقيدة والعمل ، وأو للدلالة على أنها لا تخلوا من هذه الأقوال تحيراً وتعللاً بما لا طائل تحته . { بَلَىٰ قَدْ جَاءتْكَ ءايَـٰتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } رد من الله عليه لما تضمنه قوله { لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِى } من معنى النفي وفصله عنه لأن تقديمه يفرق القرائن وتأخير المودود يخل بالنظم المطابق للوجود لأنه يتحسر بالتفريط ثم يتعلل بفقد الهداية ثم يتمنى الرجعة ، وهو لا يمنع تأثير قدرة الله في فعل العبد ولا ما فيه من إسناد الفعل إليه كما عرفت وتذكير الخطاب على المعنى ، وقرىء بالتأنيث للنفس . { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ } بأن وصفوه بما لا يجوز كاتخاذ الولد . { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } بما ينالهم من الشدة أو بما يتخيل عليها من ظلمة الجهل ، والجملة حال إذ الظاهر أن ترى من رؤية البصر واكتفى فيها بالضمير عن الواو . { أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى } مقام . { لّلْمُتَكَبّرِينَ } عن الإِيمان والطاعة وهو تقرير لأنهم يرون كذلك . { وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ } وقرىء وَيُنَجّي . { بِمَفَازَتِهِمْ } بفلاحهم مفعلة من الفوز وتفسيرها بالنجاة تخصيصها بأهم أقسامه وبالسعادة والعمل الصالح إطلاق لها على السبب ، وقرأ الكوفيون غير حفص بالجمع تطبيقاً لهم بالمضاف إليه والباء فيها للسببية صلة لينجي أو لقوله : { لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } وهو حال أو استئناف لبيان المفازة . { ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلّ شَىْءٍ } من خير وشر وإيمان وكفر . { وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْءٍ وَكِيل } يتولى التصرف . { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } لا يملك أمرها ولا يتمكن من التصرف فيها غيره ، وهو كناية عن قدرته وحفظه لها وفيها مزيد دلالة على الاختصاص ، لأن الخزائن لا يدخلها ولا يتصرف فيها الا من بيده مفاتيحها ، وهو جمع مقليد أو مقلاد من قلدته إذا ألزمته ، وقيل جمع إقليد معرب إكليد على الشذوذ كمذاكير . وعن عثمان رضي الله عنه : أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المقاليد فقال " تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، بيده الخير يحيـي ويميت وهو على كل شيء قدير " والمعنى على هذا إن لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد ، وهي مفاتيح خير السموات والأرض من تكلم بها أصابه . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } متصل بقوله { وَيُنَجّى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ } وما بينهما اعتراض للدلالة على أنه مهيمن على العباد مطلع على أفعالهم مجاز عليها ، وتغيير النظم للإشعار بأن العمدة في فلاح المؤمنين فضل الله وفي هلاك الكافرين أن خسروا أنفسهم ، وللتصريح بالوعد والتعريض بالوعيد قضية للكرم أو بما يليه ، والمراد بآيات الله دلائل قدرته واستبداده بأمر السموات والأرض ، أو كلمات توحيده وتمجيده وتخصيص الخسار بهم لأن غيرهم ذو حظ من الرحمة والثواب . { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَـٰهِلُونَ } أي أفغير الله أعبد بعد هذه الدلائل والمواعيد ، و { تَأْمُرُونّى } اعتراض للدلالة على أنهم أمروه به عقيب ذلك وقالوا استلم بعض آلهتنا ونؤمن بإلهك لفرط غباوتهم ، ويجوز أن ينتصب غير بما دل عليه { تَأْمُرُونّى أَنْ أَعْبُدَ } لأنه بمعنى تعبدونني على أن أصله تأمرونني أن أعبد فحذف إن ورفع كقوله : @ أَلاَ أَيُّهَـذَا الـزَّاجِـرِي أَحْضِـر الـوَغَـى @@ ويؤيده قراءة { أَعْبُدُ } بالنصب ، وقرأ ابن عامر « تأمرونني » بإظهار النونين على الأصل ونافع بحذف الثانية فإنها تحذف كثيراً . { وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } أي من الرسل . { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } كلام على سبيل الفرض والمراد به تهييج الرسل وإقناط الكفرة والإِشعار على حكم الأمة ، وإفراد الخطاب باعتبار كل واحد واللام الأولى موطئة للقسم والأخريان للجواب ، وإطلاق الإِحباط يحتمل أن يكون من خصائصهم لأن شركهم أقبح ، وأن يكون على التقييد بالموت كما صرح به في قوله { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ } [ البقرة : 217 ] وعطف الخسران عليه من عطف المسبب على السبب .