Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 47-58)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِى ٱلنَّـارِ } واذكر وقت تخاصمهم فيها ويحتمل العطف على غدوا . { فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُواْ } تفصيل له . { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } تباعاً كخدم في جمع خادم أو ذوي تبع بمعنى أتباع على الإِضمار أو التجوز . { فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مّنَ ٱلنَّارِ } بالدفع أو الحمل ، و { نَصِيباً } مفعول به لما دل عليه { مُّغْنُونَ } أوله بالتضمين أو مصدر كشيئاً في قوله تعالى : { لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلـٰدُهُم مّنَ ٱللَّهِ شَيْئًا } [ آل عمران : 116 ] فيكون من صلة لـ { مُّغْنُونَ } . { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَا } نحن وأنتم فكيف نغني عنكم ولو قدرنا لأغنينا عن أنفسنا ، وقرىء « كلا » على التأكيد لأنه بمعنى كلنا وتنوينه عوض عن المضاف إليه ، ولا يجوز جعله حالاً من المستكن في الظرف فإنه لا يعمل في الحال المتقدمة كما يعمل في الظرف المتقدم كقولك كل يوم لك ثوب . { إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } بأن أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، و { لاَ مُعَقّبَ لِحُكْمِهِ } [ الرعد : 41 ] { وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِى ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ } أي لخزنتها ، ووضع { جَهَنَّمَ } موضع الضمير للتهويل أو لبيان محلهم فيها ، إذ يحتمل أن تكون { جَهَنَّمَ } أبعد دركاتها من قولهم : بئر جهنم بعيدة القعر . { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفّفْ عَنَّا يَوْماً } قدر يوم . { مّنَ ٱلْعَذَابِ } شيئاً من العذاب ، ويجوز أن يكون المفعول « يوم » بحذف المضاف و { مّنَ ٱلْعَذَابِ } بيانه . { وَقَالُواْ أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ } أرادوا به إلزامهم للحجة وتوبيخهم على إضاعتهم أوقات الدعاء وتعطيلهم أسباب الإِجابة . { قَالُواْ بَلَىٰ قَالُواْ فَٱدْعُواْ } فإنا لا نجترىء فيه إذ لم يؤذن لنا في الدعاء لأمثالكم ، وفيه إقناط لهم عن الإِجابة . { وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَـٰفِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ } ضياع لا يجاب ، وفيه اقناط لهم عن الإجابة . { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة . { فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ } أي في الدارين ولا ينتقض ذلك بما كان لأعدائهم عليهم من الغلبة أحياناً إذ العبرة بالعواقب وغالب الأمر ، و { ٱلأَشْهَـٰدُ } جمع شاهد كصاحب وأصحاب ، والمراد بهم من يقوم يوم القيامة الشهادة على الناس من الملائكة والأنبياء والمؤمنين . { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّـٰلِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ } بدل من الأول وعدم نفع المعذرة لأنها باطلة ، أو لأنه لم يؤذن لهم فيعتذروا . وقرأ غير الكوفيين ونافع بالتاء . { وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ } البعد عن الرحمة . { وَلَهُمْ سُوءُ ٱلدَّارِ } جهنم . { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ } ما يهتدي به في الدين من المعجزات والصحف والشرائع . { وَأَوْرَثْنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ ٱلْكِتَـٰبَ } وتركنا عليهم بعده من ذلك التوراة . { هُدًى وَذِكْرَىٰ } هداية وتذكرة أو هادياً ومذكراً . { لأُوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ } لذوي العقول السليمة . { فَٱصْبِرْ } على أذى المشركين . { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } بالنصر لا يخلفه ، واستشهد بحال موسى وفرعون . { وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ } وأقبل على أمر دينك وتدارك فرطاتك بترك الأولى والاهتمام بأمر العدا بالاستغفار ، فإنه تعالى كافيك في النصر إظهار الأمر . { وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ بِٱلْعَشِىّ وَٱلإِبْكَارِ } ودم على التسبيح والتحميد لربك . وقيل صلِّ لهذين الوقتين ، إذ كان الواجب بمكة ركعتين بكرة وركعتين عشياً . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءايَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَـٰنٍ أَتَـٰهُمْ } عام في كل مجادل مبطل وإن نزل في مشركي مكة واليهود حين قالوا : لست صاحبنا بل هو المسيح بن داود يبلغ سلطانه البر والبحر وتسير معه الأنهار . { إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } إلا تكبر عن الحق وتعظم عن التفكر والتعلم ، أو إرادة الرياسة أو إن النبوة والملك لا يكونان إلا لهم . { مَّـا هُم بِبَـٰلِغِيهِ } ببالغي دفع الآيات أو المراد . { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } فالتجىء إليه . { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ } لأقوالكم وأفعالكم . { لَخَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } فمن قدر على خلقها مع عظمها أولاً من غير أصل قدر على خلق الإِنسان ثانياً من أصل ، وهو بيان لا شكل ما يجادلون فيه من أمر التوحيد . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } لأنهم لا ينظرون ولا يتأملون لفرط غفلتهم واتباعهم أهواءهم . { وَمَا يَسْتَوِى ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } الغافل والمستبصر . { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَلاَ ٱلْمُسِىء } والمحسن والمسيء فينبغي أن يكون لهم حال يظهر فيها التفاوت ، وهي فيما بعد البعث وزيادة لا في المسيء لأن المقصود نفي مساواته للمحسن فيما له من الفضل والكرامة ، والعاطف الثاني عطف الموصول بما عطف عليه على { ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } لتغاير الوصفين في المقصود ، أو الدلالة بالصراحة والتمثيل . { قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } أي تذكراً ما قليلاً يتذكرون ، والضمير للناس أو الكفار . وقرأ الكوفيون بالتاء على تغليب المخاطب ، أو الالتفات أو أمر الرسول بالمخاطبة .