Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 15-21)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً } متصل بقوله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } أي وقد جعلوا له بعد ذلك الاعتراف من عباده ولداً فقالوا الملائكة بنات الله ، ولعله سماه جزءاً كما سمي بعضاً لأنه بضعة من الوالد دلالة على استحالته على الواحد الحق في ذاته ، وقرأ أبو بكر « جزأ » بضمتين . { إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } ظاهر الكفران ومن ذلك نسبة الولد إلى الله لأنها من فرط الجهل به والتحقير لشأنه . { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَـٰكُم بِٱلْبَنِينَ } معنى الهمزة في { أَمْ } للإِنكار والتعجب من شأنهم حيث لم يقنعوا بأن جعلوا له جزءاًً حتى جعلوا له من مخلوقاته أجزاء أخس مما اختير لهم وأبغض الأشياء إليهم ، بحيث إذا بشر أحدهم بها اشتد غمه به كما قال . { وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً } بالجنس الذي جعله له مثلاً إذ الولد لا بد وأن يماثل الوالد . { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً } صار وجهه أسود في الغاية لما يعتريه من الكآبة . { وَهُوَ كَظِيمٌ } مملوء قلبه من الكرب ، وفي ذلك دلالات على فساد ما قالوه ، وتعريف البنين بما مر في الذكور ، وقرىء « مسود » و « مسواد » على أن في { ظِلّ } ضمير المبشر و « وَجْهُهُ مُسْوَدّ » جملة وقعت خبراً . { أَوْ مِن يُنَشَّأُ فِى ٱلْحِلْيَةِ } أي أو جعلوا له ، أو اتخذ من يتربى في الزينة يعني البنات . { وَهُوَ فِى ٱلْخِصَامِ } في المجادلة . { غَيْرُ مُبِينٍ } مقرر لما يدعيه من نقصان العقل وضعف الرأي ، ويجوز أن يكون من مبتدأ محذوف الخبر أي أو من هذا حالة ولده و { فِى ٱلْخِصَامِ } متعلق بـ { مُّبِينٌ } ، وإضافة { غَيْرِ } إليه لا يمنعه لما عرفت . وقرأ حمزة والكسائي وحفص { يُنَشَّأُ } أي يربي . وقرىء { يُنَشَّأُ } و « يناشأ » بمعناه ونظير ذلك أعلاه وعلاه وعالاه بمعنى . { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } كفر آخر تضمنه مقالهم شنع به عليهم ، وهو جعلهم أكمل العباد وأكرمهم على الله تعالى أنقصهم رأياً وأخسهم صنفاً . وقرىء عبيد وقرأ الحجازيان وابن عامر ويعقوب « عند » على تمثيل زلفاهم . وقرىء « أنثاً » وهو جمع الجمع . { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ } أحضروا خلق الله إياهم فشاهدوهم إناثاً ، فإن ذلك مما يعلم بالمشاهدة وهو تجهيل وتهكم به . وقرأ نافع « أَشْهَدُواْ » بهمزة الاستفهام وهمزة مضمومة بين بين ، و « آأشهدوا » بمدة بينهما . { سَتُكْتَبُ شَهَـٰدَتُهُمْ } التي شهدوا بها على الملائكة . { وَيُسْـئَلُونَ } أي عنها يوم القيامة ، وهو وعيد شديد . وقرىء « سيكتب » و « سنكتب » بالياء والنون . و « شهاداتهم » وهي أن الله جزء أو أن له بنات وهن الملائكة ويساءلون من المساءلة . { وَقَالُواْ لَوْ شَاءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَـٰهُمْ } أي لو شاء عدم عبادة الملائكة ما عبدناهم فاستدلوا بنفي مشيئته عدم العبادة على امتناع النهي عنها أو على حسنها ، وذلك باطل لأن المشيئة ترجح بعض الممكنات على بعض مأموراً كان أو منهياً حسناً كان أو غيره ، ولذلك جهلهم فقال : { مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } يتمحلون تمحلاً باطلاً ، ويجوز أن تكون الإِشارة إلى أصل الدعوى كأنه لما أبدى وجوه فسادها وحكى شبهتهم المزيفة نفى أن يكون لهم بها علم من طريق العقل ، ثم أضرب عنه إلى إنكار أن يكون لهم سند من جهة النقل فقال : { أَمْ ءَاتَيْنَـٰهُمْ كِتَـٰباً مّن قَبْلِهِ } من قبل القرآن أو ادعائهم ينطق على صحة ما قالوه . { فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } بذلك الكتاب متمسكون .