Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 14-21)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَصْحَـٰبُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ } سبق في « الحجر » و « الدخان » { كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ } أي كل واحد أو قوم منهم أو جميعهم ، وإفراد الضمير لإِفراد لفظه . { فَحَقَّ وَعِيدِ } فوجب وحل عليه وعيدي ، وفيه تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتهديد لهم . { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ } أي أفعجزنا عن الإِبداء حتى نعجز عن الإِعادة ، من عيي بالأمر إذا لم يهتد لوجه عمله والهمزة فيه للإِنكار . { بَلْ هُمْ فِى لَبْسٍ مّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } أي هم لا ينكرون قدرتنا على الخلق الأول بل هم في خلط ، وشبهة في خلق مستأنف لما فيه من مخالفة العادة ، وتنكير الخلق الجديد لتعظيم شأنه والإِشعار بأنه على وجه غير متعارف ولا معتاد . { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } ما تحدثه به نفسه وهو ما يخطر بالبال ، والوسوسة الصوت الخفي ومنها وسواس الحلي ، والضمير لما إن جعلت موصولة والباء مثلها في صوت بكذا ، أو لـ { ٱلإِنسَـٰنَ } إن جعلت مصدرية والباء للتعدية . { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } أي ونحن أعلم بحاله ممن كان أقرب إليه { مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } ، تجوز بقرب الذات لقرب العلم لأنه موجبة و { حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } مثل في القرب قال : @ والموت أدنى من الوريد @@ والـ { حَبْلِ } العرق وإضافته للبيان ، والوريدان عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدمها بالوتين يردان من الرأس إليه ، وقيل سمي وريداً لأن الروح ترده . { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقّيَانِ } مقدر باذكر أو متعلق بـ { أَقْرَبُ } ، أي هو أعلم بحاله من كل قريب حين يتلقى أي يتلقن الحفيظان ما يتلفظ به ، وفيه إيذان بأنه غني عن استحفاظ الملكين فإنه أعلم منهما ومطلع على ما يخفى عليهما ، لكنه لحكمة اقتضته وهي ما فيه من تشديد يثبط العبد عن المعصية ، وتأكيد في اعتبار الأعمال وضبطها للجزاء وإلزام للحجة يوم يقوم الاشهاد . { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشّمَالِ قَعِيدٌ } أي { عَنِ ٱلْيَمِينِ } قعيد { وَعَنِ ٱلشّمَالِ قَعِيدٌ } ، أي مقاعد كالجليس فحذف الأول لدلالة الثاني عليه كقوله : @ فإني وقيار بها لغريب @@ وقد يطلق الفعل للواحد والمتعدد كقوله تعالى { وَالْمَلَـئِكَةُ بَعْدَ ذٰلِكَ ظَهِيرٌ } [ التحريم : 4 ] { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ } ما يرمي به من فيه . { إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ } ملك يرقب عمله . { عَتِيدٌ } معد حاضر ، ولعله يكتب عليه ما فيه ثواب أو عقاب وفي الحديث " كاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشراً ، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر " { وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقّ } لما ذكر استبعادهم البعث للجزاء وأزاح ذلك بتحقيق قدرته وعلمه أعلمهم بأنهم يلاقون ذلك عن قريب عند الموت وقيام الساعة ، ونبه على اقترابه بأن عبر عنه بلفظ الماضي ، وسكرة الموت شدته الذاهبة بالعقل والباء للتعدية كما في قولك : جاء زيد بعمرو . والمعنى وأحضرت سكرة الموت حقيقة الأمر أو الموعود الحق ، أو الحق الذي ينبغي أن يكون من الموت أو الجزاء ، فإن الإِنسان خلق له أو مثل الباء في { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } [ المؤمنون : 20 ] وقرىء « سكرة الحق بالموت » على أنها لشدتها اقتضت الزهوق أو لاستعقابها له كأنها جاءت به ، أو على أن الباء بمعنى مع . وقيل { سَكْرَةُ ٱلْحَقّ } سكرة الله وإضافتها إليه للتهويل . وقرىء « سكرات الموت » . { ذٰلِكَ } أي الموت . { مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } تميل وتنفر عنه والخطاب للإِنسان . { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ } يعني نفخة البعث . { ذَلِكَ يَوْمَ ٱلْوَعِيدِ } أي وقت ذلك يوم تحقق الوعيد وإنجازه والإِشارة إلى مصدر { نُفِخَ } . { وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } ملكان أحدهما يسوقه والآخر يشهد بعمله ، أو ملك جامع للوصفين . وقيل السائق كاتب السيئات ، والشهيد كاتب الحسنات . وقيل السائق نفسه أو قرينه والشهيد جوارحه أو أعماله ، ومحل { مَّعَهَا } النصب على الحال من كل لإِضافته إلى ما هو في حكم المعرفة .