Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 22-30)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍ مّنْ هَـٰذَا } على إضمار القول والخطاب { لِكُلّ نَفْسٍ } إذ ما من أحد إلا وله اشتغال ما عن الآخرة أو للكافر . { فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ } الغطاء الحاجب لأمور المعاد وهو الغفلة ، والانهماك في المحسوسات والإِلف بها وقصور النظر عليها . { فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } نافذ لزوال المانع للأبصار . وقيل الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام والمعنى : كنت في غفلة من أمر الديانة فكشفنا عنك غطاء الغفلة بالوحي وتعليم القرآن ، { فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } ترى ما لا يرون وتعلم ما لا يعلمون . ويؤيد الأول قراءة من كسر التاء والكافات على خطاب النفس . { وَقَالَ قَرِينُهُ } قال الملك الموكل عليه . { هَـٰذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ } هذا ما هو مكتوب عندي حاضر لدي ، أو الشيطان الذي قيض له هذا ما عندي وفي ملكتي عتيد لجهنم هيأته لها باغوائي وإضلالي ، و { مَا } إن جعلت موصوفة فـ { عَتِيدٌ } صفتها وإن جعلت موصولة فبدلها أو خبر بعد خبر أو خبر محذوف . { أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ } خطاب من الله تعالى للسائق والشهيد ، أو الملكين من خزنة النار ، أو لواحد وتثنية الفاعل منزل منزلة تثنية الفعل وتكريره كقوله : @ فَإِنْ تَزْجُرَانِي يَا ابْنَ عَفَّانَ أَنْزَجِر وَإِنْ تَدَعَانِي أَحْمٍ عِرْضاً مُمنعاً @@ أَو الألف بدل من نون التأكيد على إجراء الوصل مجرى الوقف ، ويؤيده أنه قرىء « ألقين » بالنون الخفيفة . { عَنِيدٍ } معاند للحق . { مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ } كثير المنع للمال عن حقوقه المفروضة . وقيل المراد بالخير الإِسلام فإن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة لما منع بني أخيه عنه . { مُعْتَدٍ } متعد . { مُرِيبٍ } شاك في الله وفي دينه . { ٱلَّذِى جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً ءاخَرَ } مبتدأ متضمن معنى الشرط وخبره . { فَأَلْقِيَـٰهُ فِى ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } أو بدل من { كُلَّ كَفَّارٍ } فيكون { فَأَلْقِيَـٰهُ } تكريراً للتوكيد ، أو مفعول لمضمر يفسره { فَأَلْقِيَـٰهُ } . { قَالَ قرِينُهُ } أي الشيطان المقيض له ، وإنما استؤنفت كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول فإنه جواب لمحذوف دل عليه . { رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } كأن الكافر قال هو أطغاني فـ { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } بخلاف الأولى فإنها واجبة العطف على ما قبلها للدلالة على الجمع بين مفهوميهما في الحصول ، أعني مجيء كل نفس مع الملكين وقول قرينه : { وَلَـٰكِن كَانَ فِى ضَلَـٰلٍ بَعِيدٍ } فأعنته عليه فإن إغواء الشياطين إنما يؤثر فيمن كان مختل الرأي مائلاً إلى الفجور كما قال تعالى : { وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـٰنٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى } [ إبراهيم : 22 ] { قَالَ } أي الله تعالى . { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ } أي في موقف الحساب فإنه لا فائدة فيه ، وهو استئناف مثل الأول . { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } على الطغيان في كتبي وعلى ألسنة رسلي فلم يبق لكم حجة . وهو حال تعليل للنهي أي { لاَ تَخْتَصِمُواْ } عالمين بأني أوعدتكم ، والباء مزيدة أو معدية على أن قدم بمعنى تقدم ، ويجوز أن يكون { بِٱلْوَعِيدِ } حالاً والفعل واقعاً على قوله : { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَىَّ } أي بوقوع الخلف فيه فلا تطمعوا أن أبدل وعيدي . وعفو بعض المذنبين لبعض الأسباب ليس من التبديل فإن دلائل العفو تدل على تخصيص الوعيد . { وَمَا أَنَاْ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ } فأعذب من ليس لي تعذيبه . { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلاَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } سؤال وجواب جيء بهما للتخييل والتصوير ، والمعنى أنها مع اتساعها تطرح فيها الجنة والناس فوجاً فوجاً حتى تمتلىء لقوله تعالى : { لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ } [ الأعراف : 18 ] أو أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها بعد فراغ ، أو أنها من شدة زفيرها وحدتها وتشبثها بالعصاة كالمستكثرة لهم والطالبة لزيادتهم . وقرأ نافع وأبو بكر يقول بالباء والـ { مَّزِيدٍ } إما مصدر كالمحيد أو مفعول كالمبيع ، و { يَوْمٍ } مقدر باذكر أو ظرف لـ { نُفِخَ } فيكون ذلك إشارة إليه فلا يفتقر إلى تقدير مضاف .