Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 26-35)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكَمْ مّن مَّلَكٍ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ لاَ تُغْنِى شَفَـٰعَتُهُمْ شَيْئاً } وكثير من الملائكة لا تغني شفاعتهم شيئاً ولا تنفع . { إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ } في الشفاعة . { لِمَن يَشَاء } من الملائكة أن يشفع أو من الناس أن يشفع له . { وَيَرْضَىٰ } ويراه أهلاً لذلك فكيف تشفع الأصنام لعبدتهم . { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ } أي كل واحد منهم . { تَسْمِيَةَ ٱلأُنثَىٰ } بأن يسموه بنتاً . { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ } أي بما يقولون ، وقرىء بها أي بالملائكة أو بالتسمية . { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإَنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئًا } فإن الحق الذي هو حقيقة الشيء لا يدرك إلا بالعلم ، والظن لا اعتبار له في المعارف الحقيقية ، وإنما العبرة به في العمليات وما يكون وصلة إليها . { فَأَعْرَضَ عَمَّنْ تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } فأعرض عن دعوته والاهتمام بشأنه فإن من غفل عن الله وأعرض عن ذكره . وانهمك في الدنيا بحيث كانت منتهى همته ومبلغ علمه لا تزيده الدعوة إلا عناداً وإصراراً على الباطل . { ذٰلِكَ } أي أمر الدنيا أو كونها شهية . { مَبْلَغُهُمْ مّنَ ٱلْعِلْمِ } لا يتجاوزه علمهم والجملة اعتراض مقرر لقصور هممهم بالدنيا وقوله : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } تعليل للأمر بالإِعراض أي إنما يعلم الله من يجيب ممن لا يجيب فلا تتعب نفسك في دعوتهم إذ ما عليك إلا البلاغ وقد بلغت . { وَللَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } خلقاً وملكاً . { لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أساؤوا بِمَا عَمِلُواْ } بعقاب ما عملوا من السوء أو بمثله أو بسبب ما عملوا من السوء ، وهو بمثله دل عليه ما قبله أي خلق العالم وسواه للجزاء ، أو ميز الضال عن المهتدي وحفظ أحوالهم لذلك { وَيِجْزِى ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } بالمثوبة الحسنى وهي الجنة ، أو بأحسن من أعمالهم أو بسبب الأعمال الحسنى . { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَـٰئِرَ ٱلإثْمِ } ما يكبر عقابه من الذنوب وهو ما رتب عليه الوعيد بخصوصه . وقيل ما أوجب الحد . وقرأ حمزة والكسائي وخلف كبير الإِثم على إرادة الجنس أو الشرك . { وَٱلْفَوٰحِشَ } ما فحش من الكبائر خصوصاً . { إِلاَّ ٱللَّمَمَ } إلا ما قل وصغر فإنه مغفور من مجتنبي الكبائر ، والاستثناء منقطع ومحل { ٱلَّذِينَ } النصب على الصفة أو المدح أو الرفع على أنه خبر محذوف . { إِنَّ رَبَّكَ وٰسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ } حيث يغفر الصغائر باجتناب الكبائر ، أو له أن يغفر ما شاء من الذنوب صغيرها وكبيرها ، ولعله عقب به وعيد المسيئين ووعد المحسنين لئلا ييأس صاحب الكبيرة من رحمته ولا يتوهم وجوب العقاب على الله تعالى . { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ } أعلم بأحوالكم منكم . { إِذْ أَنشَأَكُمْ مّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِى بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمْ } علم أحوالكم ومصارف أموركم حين ابتدأ خلقكم من التراب بخلق آدم وحينما صوركم في الأرحام . { فَلاَ تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ } فلا تثنوا عليها بزكاء العمل وزيادة الخير ، أو بالطهارة عن المعاصي والرذائل . { هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } فإنه يعلم التقي وغيره منكم قبل أن يخرجكم من صلب آدم عليه السلام . { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِى تَوَلَّىٰ } عن اتباع الحق والثبات عليه . { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } وقطع العطاء من قولهم أكدى الحافر إذا بلغ الكدية وهي الصخرة الصلبة فترك الحفر . والأكثر على أنها نزلت في الوليد بن المغيرة وكان يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعيره بعض المشركين وقال : تركت دين الأشياخ وضللتهم قال أخشى عذاب الله تعالى فضمن أن يتحمل عنه العقاب إن أعطاه بعض ماله فارتد وأعطى بعض المشروط ثم بخل بالباقي . { أَعْنْدَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } يعلم أن صاحبه يتحمل عنه .