Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 36-51)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِى صُحُفِ مُوسَىٰ وَإِبْرٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ } وفى وأتم ما التزمه وأمر به ، أو بالغ في الوفاء بما عاهد الله ، وتخصيصه بذلك لاحتماله ما لم يحتمله غيره كالصبر على نار نمروذ حتى أتاه جبريل عليه السلام حين ألقي في النار فقال ألك حاجة ، فقال أما إليك فلا ، وذبح الولد وأنه كان يمشي كل يوم فرسخاً يرتاد ضيفاً فإن وافقه أكرمه وإلا نوى الصوم ، وتقديم موسى عليه الصلاة والسلام لأن صحفه وهي التوراة كانت أشهر وأكبر عندهم . { أَلاَّ تَزِرُ وٰزِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } أن هي المخففة من الثقيلة وهي بما بعدها في محل الجر بدلاً مما { فِى صُحُفِ مُوسَىٰ } ، أو الرفع على هو أن { لا تَزِرُ } كأنه قيل ما في صحفهما ؟ فأجاب به ، والمعنى أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ولا يخالف ذلك قوله : { كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً } [ المائده : 32 ] وقوله عليه الصلاة والسلام ، " من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " فإن ذلك للدلالة والتسبب الذي هو وزره . { وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَـٰنِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } إلا سعيه أي كما لا يؤاخذ أحد بذنب الغير لا يثاب بفعله ، وما جاء في الأخبار من أن الصدقة والحج ينفعان الميت فلكون الناوي له كالنائب عنه . { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَاء ٱلأَوْفَىٰ } أي يجزى العبد سعيه بالجزاء الأوفر فنصب بنزع الخافض ، ويجوز أن يكون مصدراً وأن تكون الهاء للجزاء المدلول عليه بيجزى و { ٱلْجَزَاء } بدله . { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } انتهاء الخلائق ورجوعهم ، وقرىء بالكسر على أنه منقطع عما في الصحف وكذلك ما بعده . { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } لا يقدر على الإِماتة والإِحياء غيره فإن القاتل ينقض البنية والموت يحصل عنده بفعل الله تعالى على سبيل العادة . { وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ } تدفق في الرحم أو تخلق ، أو يقدر منها الولد من منى إذا قدر . { وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ } الإِحياء بعد الموت وفاء بوعده ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو النشاءة بالمدة وهو أيضاً مصدر نشأ . { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ } وأعطى القنية وهو ما يتأثل من الأموال ، وإفرادها لأنها أشرف الأموال أو أرضى وتحقيقه جعل الرضا له قنية . { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشّعْرَىٰ } يعني العبور وهي أشد ضياء من الغميصاء ، عبدها أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم وخالف قريشاً في عبادة الأوثان ، ولذلك كانوا يسمون الرسول صلى الله عليه وسلم ابن أبي كبشة ، ولعل تخصيصها للإِشعار بأنه عليه الصلاة والسلام وإن وافق أبا كبشة في مخالفاتهم خالفه أيضاً في عبادتها . { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأولَىٰ } القدماء لأنهم أولى الأمم هلاكاً بعد قوم نوح عليه الصلاة والسلام . وقيل { عَاداً ٱلأولَىٰ } قوم هود وعاد الأخرى إرم . وقرىء « عَاداً لولي » بحذف الهمزة ونقل ضمها إلى لام التعريف وقرأ نافع وأبو عمرو « عَاداً لولي » بضم اللام بحركة الهمزة وبادغام التنوين ، وقالون بعد ضمة اللام بهمزة ساكنة في موضع الواو . { وَثَمُودَاْ } عطف على { عَاداً } لأن ما بعده لا يعمل فيه ، وقرأ عاصم وحمزة بغير تنوين ويقفان بغير الألف والباقون بالتنوين ويقفون بالألف . { فَمَا أَبْقَىٰ } الفريقين .