Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 70-76)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولقد كرَّمنا } فضَّلنا { بني آدم } بالعقل والنُّطق والتَّمييز { وحملناهم في البر } على الإِبل والخيل والبغال والحمير { و } في { البحر } على السُّفن { ورزقناهم من الطيبات } الثِّمار والحبوب والمواشي والسَّمن والزُّبد والحلاوى { وفضلناهم على كثير ممن خلقنا } يعني : البهائم والدَّوابَّ والوحوش . { يوم ندعواْ } يعني : يوم القيامة { كلَّ أناسٍ بأمامهم } بنبيِّهم ، وهو أن يقال : هاتوا مُتَّبعي إبراهيم عليه السَّلام ، هاتوا مُتبَّعي موسى عليه السَّلام ، هاتوا مُتَّبعي محمد عليه السَّلام ، فيقوم أهل الحقِّ فيأخذون كتبهم بأيمانهم ، ثمَّ يقال : هاتوا مُتَّبِعي الشَّيطان ، هاتوا مُتَّبعي رؤساء الضَّلالة ، وهذا معنى قول ابن عباس : إمام هدى وإمام ضلالة { ولا يظلمون } ولا ينقصون { فتيلاً } من الثَّواب ، وهي القشرة التي في شقِّ النَّواة . { ومَنْ كان في هذه أعمى } في الدُّنيا أعمى القلب عمَّا يرى من قدرتي في خلق السَّماء والأرض والشَّمس والقمر وغيرهما { فهو في الآخرة } في أمر الآخرة ممَّا يغيب عنه { أعمى } أشدُّ عمىً { وأضلُّ سبيلاً } وأبعد حجَّةً . { وإن كادوا … } الآية . نزلت في وفد ثقيف أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : متِّعنا باللاَّت سنةً ، وحرِّمْ وادينا كما حرَّمت مكَّة ؛ فإنَّا نحبُّ أن تعرف العربُ فضلنا عليهم ، فإنْ خشيت أن تقول العرب : أعطيتهم ما لم تعطنا فقل : الله أمرني بذلك ، وأقبلوا يلحُّون على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وقد همَّ أنْ يعطيهم ذلك ، فأنزل الله : { وإن كادوا } همُّوا وقاربوا { ليفتنونك } ليستزلُّونك { عن الذي أوحينا إليك } يعني : القرآن ، والمعنى : عن حكمه ، وذلك أنَّ في إعطائهم ما سألوا مخالفةً لحكم القرآن { لتفتري علينا غيره } أَيْ : لتختلق علينا أشياء غير ما أوحينا إليك ، وهو قولهم : قل الله أمرني بذلك . { وإذاً } لو فعلت ما أرادوا { لاتخذوك خليلاً } . { ولولا أن ثبتناك } على الحقِّ بعصمتنا إيَّاك { لقد كدت تركن } تميل { إليهم شيئاً } ركوناً { قليلاً } ، ثمَّ توعَّد على ذلك لو فعله فقال : { إذاً لأذقناك ضعف الحياة } ضِعْفَ عذاب الدُّنيا { وضعف الممات } وضعف عذاب الآخرة . يعني : ضعف ما يعذِّب به غيره . { وإن كادوا لَيَسْتَفزٌّونَكَ } يعني : اليهود . قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : إنَّ الأنبياء بُعثوا بالشَّام ، فإنْ كنت نبيَّاً فالحق بها ، فإنَّك إنْ خرجتَ إليها آمنَّا بك ، فوقع ذلك في قلبه لحبِّ إيمانهم ، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية ، ومعنى ليستفزونك : ليزعجونك { من الأرض } يعني : المدينة { وإذا لا يلبثون خلافك إلاَّ قليلاً } أعلم الله سبحانه أنَّهم لو فعلوا ذلك لم يلبثوا حتى يستأصلوا ، كسنَّتنا فيمن قبلهم .