Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 248-252)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قال لهم نبيُّهم إنَّ آية ملكه أن يأتيكم التابوت } وكان تابوتاً أنزله الله تعالى على آدم عليه السَّلام فيه صور الأنبياء عليهم السَّلام ، كانت بنو إسرائيل يستفتحون به على عدوِّهم ، فغلبتهم العمالقة على التَّابوت ، فلمَّا سألوا نبيَّهم البيِّنة على ملك طالوت قال : إنَّ آية ملكه أن يردَّ الله تعالى التَّابوت عليكم ، فحملت الملائكة التَّابوت حتى وضعته في دار طالوت ، وقوله : { فيه سكينة من ربكم } أَيْ : طمأنينةٌ . كانت قلوبهم تطمئنُّ بذلك ، ففي أيِّ مكانٍ كان التَّابوت سكنوا هناك ، وكان ذلك من أمر الله تعالى { وبقيةٌ ممَّا ترك آل موسى وآل هارون } أَيْ : تركاه هما ، وكانت البقيَّة نعلي موسى وعصاه وعمامة هارون ، وقفيزاً من المنِّ الذي كان ينزل عليهم { تحمله الملائكة } أَي : التَّابوت . { إنَّ في ذلك لآية } أَيْ : في رجوع التَّابوت إليكم علامة أنَّ الله قد ملَّك طالوت عليكم { إن كنتم مؤمنين } أَيْ : مصدِّقين . { فلما فصل طالوت بالجنود } أَيْ : خرج بهم من الموضع الذي كانوا فيه إلى جهاد العدوِّ { قال } لهم طالوت : { إنَّ الله مبتليكم } أَيْ : مُختبركم ومُعاملكم مُعاملة المختبر { بنهرٍ } أَيْ : بنهر فلسطين ليتميِّز المحقِّق ومَنْ له نيَّةٌ في الجهاد من المُعذِّر { فمن شرب منه } أَيْ : من مائه { فليس مني } أَيْ : من أهل ديني { ومن لم يطعمه } لم يذقه { فإنَّه مني إلاَّ مَن اغترف غرفة بيده } أَيْ : مرَّةً واحدةً ، أَيْ : أخذ منه بجرَّةٍ أو قِربةٍ وما أشبه ذلك مرَّةً واحدةً ، قال لهم طالوت : مَنْ شرب من النَّهر وأكثر فقد عصى الله ، ومن اغترف غرفة بيده أقنعته ، فهجموا على النَّهر بعد عطشٍ شديدٍ ، ووقع أكثرهم في النَّهر وأكثروا الشُّرب ، فهؤلاء جَبُنوا عن لقاء العدو ، وأطاع قومٌ قليلٌ عددهم فلم يزيدوا على الاغتراف ، فقويت قلوبهم وعبروا النَّهر ، فذلك قوله : { فشربوا منه إلاَّ قليلاً منهم } وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر رجلاً { فلما جاوزه } أَي : النَّهر { هو والذين آمنوا معه قالوا } يعني : الذين شربوا وخالفوا أمر الله تعالى : { لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال } يعني : القليل الذين اغترفوا وهم { الذين يظنون } أَيْ : يعلمون { أنهم ملاقو الله } أَيْ : راجعون إليه : { كم مِنْ فئة قليلة } أَيْ : جماعةٍ قليلةٍ { غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين } بالمعونة والنَّصر . { ولما برزوا } أَيْ : خرجوا { لجالوت وجنوده } أَيْ : لقتالهم { قالوا ربنا أفرغ } أصببْ { علينا صبراً وثبت أقدامنا } بتقوية قلوبنا . { فهزموهم } فردُّوهم وكسروهم { بإذن الله } بقضائه وقدره { وقتل داود } النَّبيُّ ، وكان في عسكر بني إسرائيل { جالوت } الكافر { وآتاه الله الملك } [ أعطى الله داود ملك بني إسرائيل ] { والحكمة } أَيْ : جمع له الملك والنُّبوَّة { وعلَّمه مما يشاء } صنعة الدُّروع ومنطق الطَّير { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض } لولا دفع الله بجنود المسلمين لغلب المشركون على الأرض ، فقتلوا المؤمنين وخرَّبوا البلاد والمساجد . { تلك آيات الله } أَيْ : هذه الآيات التي أخبرتك بها آيات الله ، أَيْ : علامات توحيده { وإنك لمن المرسلين } أَيْ : أنت من هؤلاء الذين قصصتُ عليك آياتهم .