Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 48-55)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إنَّ الله لا يغفر أن يشرك به … } الآية . وعد الله تعالى في هذه الآية مغفرة ما دون الشِّرك ، فيعفو عن مَنْ يشاء ، ويغفر لمِنْ يشاء إلاَّ الشِّرك ؛ تكذيباً للقدريَّة ، وهو قوله : { ويغفر ما دون ذلك } أَيْ : الشِّرك { لمن يشاء ومَنْ يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً } أَيْ : اختلق ذنباً غير مغفور . { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } أَيْ : اليهود قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وما عملناه باللَّيل كُفِّر عنَّا بالنَّهار ، وما عملناه بالنَّهار كُفِّر عنَّا باللَّيل { بل الله يزكِّي من يشاء } أَيْ : يجعل مَنْ يشاء زاكياً طاهراً نامياً في الصَّلاح . يعني : أهل التَّوحيد { ولا يُظلمون فتيلاً } لا ينقصون من الثواب قدر الفتيل ، وهو القشرة الرَّقيقة التي حول النَّواة ، ثمَّ عجَّب نبيَّه عليه السَّلام من كذبهم ، فقال : { انظر كيف يفترون على الله الكذب } يعني : قولهم : يكفِّر عنَّا ذنوبنا { وكفى به } بافترائهم { إثماً مبيناً } أَيْ : كفى ذلك في التَّعظيم . { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب } يعني : علماء اليهود { يؤمنون بالجبت } أَيْ : الأصنام { والطاغوت } سدنتها وتراجمتها ، وذلك أنَّهم حالفوا قريشاً على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسجدوا لأصنام قريش ، وقالوا لهم : أنتم أهدى من محمَّدٍ عليه السَّلام ، وأقوم طريقةً وديناً ، وهو قوله : { ويقولون للذين كفروا } يعني : قريشاً { هٰؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً } ، وقوله : { أم لهم نصيبٌ } أَيْ : بل أَلهم نصيب من الملك ؟ يعني : ليس لليهود ملك ، ولو كان إذاً لهم لم يُؤتوا أحداً شيئاً ، وهو قوله : { فإذاً لا يؤتون الناس نقيراً } أَيْ : لضنُّوا بالقليل . وصفهم الله بالبخل في هذه الآية ، والنَّقير يُضرب مثلاً للشَّيء القليل ، وهو نقرةٌ في ظهر النَّواة [ منها ] تنبت النَّخلة . { أم يحسدون الناس } يعني : محمَّداً عليه السَّلام { على ما آتاهم الله من فضله } حسدت اليهود محمَّداً عليه السَّلام على ما آتاه الله من النُّبوَّة ، وما أباح له من النِّساء ، وقالوا : لو كان نبيَّاً لشغله أمر بالنُّبوَّة عن النِّساء ، فقال الله تعالى : { فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة } يعني : النُّبوَّة { وآتيناهم ملكاً عظيماً } يعني : ملك داود وسليمان عليهما السَّلام ، وما أُوتوا من النِّساء ، فكان لداود تسعٌ وتسعون ، ولسليمان ألفٌ من بين حُرَّةٍ ومملوكةٍ ، والمعنى : أيحسدون النَّبيَّ عليه السَّلام على النُّبوَّة وكثرة النِّساء وقد كان ذلك في آله ؛ لأنَّه من آل إبراهيم عليه السَّلام . { فمنهم } من أهل الكتاب { من آمن به } بمحمَّدٍ عليه السَّلام { ومنهم مَن صدَّ عنه } أعرض عنه فلم يؤمن { وكفى بجهنَّم سعيراً } عذاباً لمَنْ لا يؤمن .