Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 77-81)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم } عن قتال المشركين ، وأَدُّوا ما فُرض عليكم من الصَّلاة والزَّكاة . نزلت في قوم من المؤمنين استأذنوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهم بمكَّة في قتال المشركين ، فلم يأذن لهم { فلما كتب عليهم القتال } بالمدينة { إذا فريقٌ منهم يخشون الناس } أَيْ : عذاب النَّاس بالقتل { كخشية الله } كما يخشى عذاب الله { أو أشدَّ } أكبرَ { خشية } وهذه الخشية إنَّما كانت لهم من حيث طبع البشريَّة ، لا على كراهية أمر الله بالقتال { وقالوا } جزعاً من الموت ، وحرصاً على الحياة : { ربنا لمَ كتبت } فرضتَ { علينا القتال لولا } هلاًّ { أخرتنا إلى أجل قريب } وهو الموت ، أَيْ : هلاَّ تركتنا حتى نموت بآجالنا ، وعافيتنا من القتل ، { قل } لهم يا محمَّدُ : { متاع الدنيا قليل } أجل الدُّنيا قريبٌ ، وعيشها قليلٌ { والآخرة } الجنَّةُ { خيرٌ لمن اتقى } ولم يُشرك به شيئاً { ولا تظلمون فتيلاً } أَيْ : لا تُنقصون من ثواب أعمالكم مثل فتيل النَّواة ، ثمَّ أعلمهم أنَّ آجالهم لا تخطئهم ولو تمنَّعوا بأمنع الحصون ، فقال : { أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج } حصونٍ وقصور { مشيدة } مطوَّلة مرفوعة . [ وقيل : بروج السَّماء ] { وإن تصبهم } يعني : المنافقين [ واليهود ] { حسنة } خصب ورخص سعر { يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة } جدبٌ وغلاءٌ { يقولوا هذه من عندك } من شؤم محمد ، وذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا قدم المدينة وكفرت اليهود أمسك الله عنهم ما كان قد بسط عليهم ، فقالوا : ما رأينا أعظم شؤماً من هذا ، نقصت ثمارنا ، وغلت أسعارنا منذ قدم علينا ، فقال الله تعالى : { قل كلٌّ } أًي : الخصب والجدب { من عند الله } من قِبَل الله { فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً } لا يفهمون القرآن . { ما أصابك } يا ابن آدم { من حسنة } فتح وغنيمةٍ وخصبٍ فمن تفضُّل الله { وما أصابك من سيئة } من جدبٍ وهزيمةٍ وأمرٍ تكرهه { فمن نفسك } فبذنبك يا ابن آدم { وأرسلناك } يا محمدُ { للناس رسولاً وكفى بالله شهيداً } على رسالتك . { من يطع الرسول فقد أطاع الله } يعني : إنَّ طاعتكم لمحمد طاعةٌ لله { ومَنْ تولى } أعرض عن طاعته { فما أرسلناك عليهم حفيظاً } أَيْ : حافظاً لهم من المعاصي حتى لا تقع ، أَيْ : ليس عليك بأسٌ لتولِّيه ؛ لأنَّك لم ترسل عليهم حفيظاً من المعاصي . { ويقولون } أَي : المنافقون { طاعةٌ } أَيْ : طاعةٌ لأمرك { فإذا برزوا } خرجوا { من عندك بيَّت } قدَّر وأضمر { طائفة منهم غير الذي تقول } لك من الطَّاعة أَيْ : أضمروا خلاف ما أظهروا ، وقدَّروا ليلاً خلاف ما أعطوك نهاراً { واللَّهُ يكتب ما يبيِّتون } أَيْ : يحفظ عليهم ليُجَازَوا به { فأعرض عنهم } أَيْ : فاصفح عنهم ، وذلك أنه نُهي عن قتل المنافقين في ابتداء الإِسلام ، ثمَّ نُسخ ذلك بقوله : { جاهِد الكفَّار والمنافقين }