Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 106-108)
Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم } نزلت هذه الآيات في قصّة تميمٍ وعديٍّ وبُديلٍ ، خرجوا تجاراً إلى الشَّام ، فمرض بُديل ودفع إليهما متاعه ، وأَوصى إليهما أن يدفعاه إلى أهله إذا رجعا ، فأخذا من متاعه إناءً من فِضَّة ، وردَّا الباقي إلى أهله فعلموا بخيانتهما ورفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات ، ومعنى الآية : ليشهدكم { إذا حضر أحدكم الموت } وأردتم الوصية { اثنان ذوا عدل منكم } من أهل ملَّتكم تشهدونهما على الوصية { أو آخران من غيركم } من غير دينكم إذا { ضربتم } سافرتم { في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت } علم الله أنَّ من النَّاس مَنْ يسافر فيصحبُهُ في سفره أهل الكتاب دون المسلمين ، ويحضره الموت فلا يجد مَنْ يُشهده على وصيته من المسلمين ، فقال : { أو آخران من غيركم } فالذِّميان في السَّفر [ خاصَّة ] إذا لم يوجد غيرهما [ تُقبل شهادتهما في ذلك ] ، وقوله : { تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتُمْ لا نشتري به ثمناً } أَيْ : أن ارتبتم في شهادتهما وشككتم ، وخشيتم أن يكونا قد خانا حبستموهما على اليمين بعد صلاة العصر ، فيحلفان بالله ويقولان في يمينهما : لا نبيع الله بعرضٍ من الدُّنيا ، ولا نُحابي أحداً في شهادتنا { ولو كان ذا قربى } ولو كان المشهود له ذا قربى { ولا نكتم شهادة الله } أَيْ : الشَّهادة التي أمر الله بإقامتها { إنا إذاً لمن الآثمين } إنْ كتمناها ، ولمًّا رفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستحلفوهما ، وذلك أنَّهما كانا نصرانيين ، وبُديل كان مسلماً ، فحلفا أنَّهما ما قبضا غير ما دفعا إلى الورثة ، ولا كتما شيئاً ، وخلَّى سبيلهما ثمَّ اطُّلِع على الإِناء في أيديهما ، فقالا : اشتريناه منه ، فارتفعوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فنزل قوله : { فإن عثر } أَيْ : ظهر واطلع { على أنهما استحقا إثماً } أَيْ : استوجباه بالخيانة والحنث في اليمين { فآخران يقومان مقامهما } من الورثة ، وهم الذين { استحق عليهم } أَيْ : استحق عليهم الوصية ، أو الإِيصاء ، وذلك أنَّ الوصية تستحق على الورثة { الأوليان } بالميت ، أَيْ : الأقربان إليه ، والمعنى : قام في اليمين مقامهما رجلان من قرابة الميت ، فيحلفان بالله : لقد ظهرنا على خيانة الذِّميِّيْن وكذبهما وتبديلهما ، وهو قوله : { فيقسمان بالله لشهادتنا أحقٌّ من شهادتهما } أَيْ : يميننا أحقُّ من يمينهما { وما اعتدينا } فيما قلنا ، فلمَّا نزلت هذه الآية قام اثنان من ورثة الميِّت فحلفا بالله أنَّهما خانا وكذبا ، فدفع الإناء إلى أولياء الميت . { ذلك } أَيْ : ما حَكم به في هذه القصَّة ، وبيَّنه من ردِّ اليمين { أدنى } إلى الإِتيان بالشَّهادة على ما كانت { أو يخافوا } أَيْ : أقرب إلى أن يخافوا { أن ترد أيمان } على أولياء الميِّت بعد أيمان الأوصياء ، فيحلفوا على خيانتهم وكذبهم فيفتضحوا { واتقوا الله } أن تحلفوا أيماناً كاذبةً ، أو تخونوا أمانةً { واسمعوا } الموعظة { والله لا يهدي القوم الفاسقين } لا يرشد مَنْ كان على معصيته .