Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 16-23)

Tafsir: al-Waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ومن يُوَلَّهِمْ يومئذٍ } أَيْ : يوم لقاء الكفَّار { دبره إلاَّ متحرِّفاً لقتال } مُنعطفاً مُستَطرداً يطلب العودة { أو متحيزاً } مُنضمَّاً { إلى فئة } لجماعةٍ يريدون العود إلى القتال { فقد باء بغضب من الله … } الآية . وأكثر المفسرين على أنَّ هذا الوعيد ، إنَّما كان لمَنْ فرَّ يوم بدرٍ ، وكان هذا خاصَّاً للمنهزم يوم بدرٍ . { فلم تقتلوهم } يعني : يوم بدرٍ { ولكنَّ الله قتلهم } بتسبيبه ذلك ، من المعونة عليهم وتشجيع القلب { وما رميت إذ رميت } وذلك أنَّ جبريل عليه السَّلام قال للنبيِّ عليه السَّلام يوم بدرٍ : خذ قبضةً من تراب فارمهم بها ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضةً من حصى الوادي ، فرمى بها في وجوه القوم ، فلم يبقَ مشركٌ إلاَّ دخل عينيه منها شيءٌ ، وكان ذلك سبب هزيمتهم ، فقال الله تعالى : { وما رميت إذ رميت ولكنَّ الله رمى } أَيْ : إنَّ كفَّاً من حصى لا يملأ عيون ذلك الجيش الكثير برمية بَشرٍ ، ولكنَّ الله تعالى تولَّى إيصال ذلك إلى أبصارهم { وليبلي المؤمنين منه بلاءً حسناً } وينعم عليهم نعمةً عظيمةً بالنَّصر والغنيمة فعل ذلك . { إنَّ الله سميع } لدعائهم { عليم } بنيَّاتهم . { ذٰلكم وأنَّ الله موهن كيد الكافرين } يُهنِّىء رسوله بإيهانه كيد عدوِّه ، حتى قُتلت جبابرتهم ، وأُسِر أشرافهم . { إن تستفتحوا } هذا خطابٌ للمشركين ، وذلك أنَّ أبا جهلٍ قال يوم بدرٍ : اللَّهم انصر أفضل الدِّينَيْن ، وأهدى الفئتين ، فقال الله تعالى : { إن تستفتحوا } تستنصروا لأَهْدى الفئتين { فقد جاءكم الفتح } النَّصر { وإن تنتهوا } عن الشِّرك بالله { فهو خير لكم وإن تعودوا } لقتال محمَّدٍ { نعد } عليكم بالقتل والأسر { ولن تغني عنكم } تدفع عنكم { فئتكم } جماعتكم { شئياً ولو كثرت } في العدد { وأنَّ الله مع المؤمنين } فالنَّصر لهم . { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه } لا تُعرضوا عنه بمخالفة أمره { وأنتم تسمعون } ما نزل من القرآن . { ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا } سماع قابلٍ ، وليسوا كذلك ، يعني : المنافقين ، وقيل : أراد المشركين ؛ لأنَّهم سمعوا ولم يتفكَّروا فيما سمعوا ، فكانوا بمنزلة مَنْ لم يسمع . { إنَّ شرَّ الدواب عند الله الصمُّ البكم الذين لا يعقلون } يريد نفراً من المشركين كانوا صمَّاً عن الحقِّ ، فلا يسمعونه ، بُكماً عن التَّكلُّم به . بيَّن الله تعالى أنَّ هؤلاء شرُّ ما دبَّ على الأرض من الحيوان . { ولو علم الله فيهم خيراً } لو علم أنَّهم يصلحون بما يُورده عليهم من حججه وآياته { لأسمعهم } إيَّاها سماع تفهمٍ { ولو أسمعهم } بعد أن علم أن لا خير فيهم ما انتفعوا بذلك و { لتولوا وهم معرضون } .