Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 5-10)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً } بالنهار لأهل الأرض ، يستضيئون بها ، { وَٱلْقَمَرَ نُوراً } بالليل ، { وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ } ، يزيد وينقص ، يعني الشمس سراجاً والقمر نوراً ، { لِتَعْلَمُواْ } بالليل والنهار ، { عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ } ، وقدره منازل لتعلموا بذلك عدد السنين ، والحساب ، ورمضان ، والحج ، والطلاق ، وما يريدون بين العباد ، { مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ } ، يعني الشمس والقمر ، { إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } ، لم يخلقهما عبثاً ، خلقهما لأمر هو كائن ، { يُفَصِّلُ } يبين { ٱلآيَاتِ } ، يعني العلامات ، { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [ آية : 5 ] بتوحيد الله عز وجل أن الله واحد لما يرون من صنعه . ثم قال : { إِنَّ فِي ٱخْتِلاَفِ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } عليكم { وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } [ آية : 6 ] عقوبة الله عز وجل . قوله : { إَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } ، يعني لا يخشون لقاءنا ، يعني البعث والحساب ، { وَرَضُواْ بِٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا } ، فعملوا لها ، { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا } ، يعني ما أخبر في أول هذه السورة ، { غَافِلُونَ } [ آية : 7 ] ، يعني ما ذكر من صنيعه في هؤلاء الآيات لمعرضون ، فلا يؤمنون . ثم أخبر بما أعد لهم في الآخرة ، فقال : { أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ } ، يعني مصيرهم النار ، { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ آية : 8 ] من الكفر والتكذيب . ثم أخبر بما أعد للمؤمنين ، فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، يعني صدقوا بالله ، { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } ، وأقاموا فرائض الله ، { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } ، يعني بتصديقهم وتوحيدهم كما صدقوا ووحدوا ، كذلك يهديهم ربهم إلى الفرائض ، ويثيبهم الجنة ، { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ } ، يعني تحت قصورهم نور في نور ، قصور الدر والياقوت ، وأنها تجري من غرفهم ، { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } [ آية : 9 ] ، لا يكلفون فيها عملاً أبداً ، ولا يصيبهم فيها مشقة أبداً . { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } ، فهذا علم بين أهل الجنة وبين الخدم إذا أرادوا الطعام والشراب دعواهم أن يقولوا في الجنة : { سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ } ، فإذا الموائد قد جاءت ، فوضعت ميلاً في ميل ، قوائمها اللؤلؤ ، ودخل عليهم الخدم من أربعة آلاف باب معهم صحاف الذهب سبعون ألف صحفة ، في كل صحفة لون من الطعام ليس في صاحبتها مثله ، كلما شبع ألقى الله عليه ألف باب من الشهوة ، كلما شبع أتى بشربة تهضم ما قبلها بمقدار أربعين عاماً ، ويؤتون بألوان الثمار ، وتجيء الطير أمثال البخت ، مناقيرها لون ، وأجنحتها لون ، ظهورها لون ، وبطونها لون ، وقوائمها لون ، تتلألأ نوراً ، حتى تقف بين يديه في بيت طوله فرسخ في فرسخ ، في غرفة فيها سرر موضونة ، والوضن مشبك وسطه بقضبان الياقوت والزمرد الرطب ، ألين من الحرير ، قوائمها اللؤلؤ ، حافتاه ذهب وفضة ، عليه من الفرش مقدار سبعين غرفة في دار الدنيا ، لو أن رجلاً وقع من تلك الغرفة لم يبلغ قرار الأرض سبعين عاماً . فيأكلون ويشربون ، وتقوم الطير وتصطف بين يديه ، وتقول : يا ولي الله ، رعيت في روضة كذا وكذا ، وشربت من عين كذا وكذا ، فأيتهن أعجبه وصفها وقعت على مائدته نصفها قديد سبعون ألف لون من الطير الواحد ، والنصف شواء ، فيأكل منها ما أحب ، ثم يطير فينطلق إلى الجنة ؛ لأنه ليس في الجنة من يموت ، { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } ، وذلك أن يأتيه ملك من عند رب العزة ، فلا يصل إليه حتى يستأذن له حاجب فيقوم بين يديه ، فيقول : يا ولي الله ، ربك يقرأ عليك السلام ، وذلك قوله تعالى : { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } ، من عند الرب تعالى ، فإذا فرغوا من الطعام والشراب ، قالوا : الحمد لله رب العالمين ، وذلك قوله عز وجل : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ } ، يعني قولهم حين فرغوا من الطعام والشراب { أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ آية : 10 ] .