Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 50-60)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِلَىٰ عَادٍ } أرسلنا { أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } ، يعني وحدوا الله { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } ، يعني ليس لكم رب غيره ، { إِنْ أَنتُمْ } ، يعني ما أنتم { إِلاَّ مُفْتَرُونَ } [ آية : 50 ] الكذب حين تقولون إن لله شريكاً ، وذلك أنهم قالوا لأنبيائهم : تريدون أن تملكوا علينا في أموالنا ، فذلك قول الأنبياء لهم : { يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } [ هود : 51 ] ، يعني ما جزائي إلا على الله . وذلك قول قوم هود : { يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ } ، يعني ما جزائي { إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ } ، يعني خلقني ، { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } آية : 51 ] أنه ليس مع الله شريك . { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } من الشرك ، { ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً } ، يعني المطر متتابعاً ، وقد كان الله تعالى حبس عنهم المطر ثلاث سنين ، وحبس عنهم الولد ، فمن ثم قال : { وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ } ، يعني عدداً إلى عددكم وتتوالدون وتكثرون ، ثم قال لهم هود : { وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } [ آية : 52 ] ، يقول : ولا تعرضوا عن التوحيد مشركين . { قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ } ، يعني ببيان أنك رسول إلينا من الله ، { وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ } ، يعنون عبادة الأوثان ، { وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } [ آية : 53 ] ، يعني بمصدقين بأنك رسول . { إِن } يعني ما { نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ } ، يعنون جنوناً أصابك به ، { بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ } ، يعنون أنه يعتريك من آلهتنا الأوثان بجنون أو بخبل ، ولا نحب أن يصيبك أو يعتريك ذلك فاجتنبها سالماً . قال عبد الله : قال الفراء : الخبل مُسكَّنَةُ الباء العلة المانعة من الحركة المعطلة للبدن ، والخبل : الجنون محركة الباء ، فرد عليهم هود : { قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهِ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } [ آية : 54 ] . { مِن دُونِهِ } من الآلهة ، { فَكِيدُونِي جَمِيعاً } أنتم والآلهة ، { ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } [ آية : 55 ] ، يعني ثم لا تناظرون ، يعني لا تمهلون . { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ } ، يعني وثقت بالله ، { رَبِّي وَرَبِّكُمْ } حين خوفوه آلهتهم أنها تصيبه ، { مَّا مِن دَآبَّةٍ } ، يعني ما من شيء ، { إِلاَّ } و { هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ } ، يقول : إلا الله يميتها ، { إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ آية : 56 ] ، يعني على الحق المستقيم . { فَإِن تَوَلَّوْاْ } ، يعني فإن تعرضوا عن الإيمان ، { فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ } من نزول العذاب بكم في الدنيا ، { وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي } بعد هلاككم { قَوْماً غَيْرَكُمْ } أمثل وأطوع لله منكم ، { وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً } يقول : ولا تنقصونه من ملكه شيئاً ، إنما تنقصون أنفسكم ، { إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من أعمالكم { حَفِيظٌ } [ آية : 57 ] . { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا } ، يعني قولنا في نزول العذاب ، { نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } من العذاب { بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } ، يعني بنعمة منا عليهم ، { وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ آية : 58 ] ، يعني شديد ، وهي الريح الباردة لم تفتر عنهم حتى أهلكتهم . { وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ } ، يعني كفروا بعذاب الله بأنه غير نازل بهم في الدنيا ، { وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ } ، يعني هوداً وحده ، { وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } [ آية : 59 ] ، يعني متعظماً عن التوحيد ، فهم الأتباع ، اتبعوا قول الكبراء في تكذيب هود ، { عَنِيدٍ } ، يعني معرضاً عن الحق ، وكان هذا القول من الكبراء للسفلة في سورة المؤمنين { مَا هَذَا } ، يعني هوداً { إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } [ المؤمنون : 33 ] من الشراب . وقال للأتباع : { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } [ المؤمنون : 34 ] ، يعني لعجزة ، فهذا قول الكبراء للسفلة ، فاتبعوهم على قولهم : { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً } ، يعني العذاب ، وهي الريح التي أهلكتهم ، { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } ، يعني عذاب النار { أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ } ، يعني بتوحيد ربهم ، { أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } [ آية : 60 ] في الهلاك .