Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 69-83)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ } ، وهو جبريل ومعه ملكان وهما ملك الموت وميكائيل ، { إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ } في الدنيا الولد بإسحاق ويعقوب ، { قَالُواْ سَلاَماً } ، قالوا : تحية لإبراهيم ، فسلموا على إبراهيم فرد إبراهيم عليهم ، فـ { قَالَ سَلاَمٌ } ، يقول : رد إبراهيم خيراً ، وهو يرى أنهم من البشر ، { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ } إبراهيم { بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } [ آية : 69 ] ، يعني الحنيذ النضيج ؛ لأنه كان البقر أكثر أموالهم ، والحنيذ الشواء الذي أنضج بحر النار من غير أن تمسه النار بالحجارة تحمى وتجعل في سرب فتشوى . { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ } ، أي إلى العجل ، { نَكِرَهُمْ } ، يعني أنكرهم وخاف شرهم ، { وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } ، يقول : فوقع عليه الخوف منهم فرعد ، { قَالُواْ } ، أي قالت الملائكة : { لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ } [ آية : 70 ] بهلاكهم ، ولوط بن حازان ، وامرأة سارة بنت حازان أخت لوط ، وإبراهيم عم لوط وختنه على أخته . { وَٱمْرَأَتُهُ } ، وهي سارة ، { قَآئِمَةٌ } وإبراهيم جالس ، { فَضَحِكَتْ } من خوف إبراهيم ورعدته من ثلاثة نفر ، وإبراهيم في حشمه وخدمه ، فقال جبريل ، عليه السلام ، لسارة : إنك ستلدين غلاماً ، فذلك قوله : { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } [ آية : 71 ] . { قَالَتْ } سارة : { يٰوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } ، وهو ابن سبعين سنة ، { إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } [ آية : 72 ] ، يعني لأمر عجيب أن يكون الولد من الشيخين الكبيرين . { قَالُوۤاْ } ، قال جبريل لهما : { أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } أن يخلق ولداً من الشيخين ، { رَحْمَةُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ } ، يعني نعمة الله وبركاته ، { عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } ، يعني بالبركة ما جعل الله منهم من الذرية ، { إِنَّهُ حَمِيدٌ } في خلقه ، { مَّجِيدٌ } [ آية : 73 ] ، يعني كريم . { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ } ، يعني الخوف ، { وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ } في الولد { يُجَادِلُنَا } ، يعني يخاصمنا إبراهيم { فِي قَوْمِ لُوطٍ } [ آية : 74 ] ، كقوله في الرعد : { يُجَادِلُونَ فِي ٱللَّهِ } [ الرعد : 13 ] ومثل قوله : { قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } [ هود : 32 ] . وخصومة إبراهيم ، عليه السلام ، أنه قال : يا رب ، أتهلكهم إن كان في قوم لوط خمسون رجلاً مؤمنين ؟ قال جبريل ، عليه السلام : لا ، فما زال إبراهيم ، عليه السلام ، ينقض خمسة خمسة ، حتى انتهى إلى خمسة أبيات ، قال تعالى : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ } ، يعني لعليم ، { أَوَّاهٌ } ، يعني موقن ، { مُّنِيبٌ } [ آية : 75 ] مخلص . وقال جبريل لإبراهيم : { يإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ } الجدال حين قال : أتهلكهم إن كان فيهم كذا وكذا ، ثم قال جبريل ، عليه السلام : { إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبَّكَ } ، يعني قول ربك في نزول العذاب بهم ، { وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } [ آية : 76 ] ، يعني غير مدفوع عنهم ، يعني الخسف والحصب بالحجارة . قوله : { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا } جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت ، { لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ } ، يعني كرههم لصنيع قومه بالرجال مخافة أن يفضحوهم ، { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ } جبريل { هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } [ آية : 77 ] ، يعني فظيع فاش شره عليه . { وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ } ، يعني يسرعون إليه مشاة إلى لوط ، { وَمِن قَبْلُ } أن نبعث لوطاً ، { كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } ، يعني نكاح الرجال ، و { قَالَ } لوط : { يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي } ريثا وزعوثا ، فتزوجوهما { هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } ، يعني أحل لكم من إتيان الرجال ، { فَاتَّقُواْ اللًّهَ } في معصيته ، { وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } [ آية : 78 ] ، يقول : ما منكم رجل مرشد . { قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ } ، يعنون من حاجة ، { وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } [ آية : 79 ] أنهم يريدون الأضياف . { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً } ، يعني بطشاً ، { أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } [ آية : 80 ] يعني منيع ، يعني رهط ، يعني عشيرة لمنعتكم مما تريدون . { قَالُواْ يٰلُوطُ } ، قال جبريل للوط ، { إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ } بسوء ؛ لأنهم قالوا للوط : إنَّا نرى معك رجالاً سحروا أبصارنا ، فستعلم غداً ما تلقى أنت في أهلك ، فقال جبريل ، عليه السلام : { إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ } { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } ، يعني امرأته وابنتيه ، { بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ } ، يعني ببعض الليل ، { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } البتة { إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ } فإنها تلتفت ، يقول : لا ينظر منكم أحد وراءه ، ثم استثنى : { إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ } تلتفت ، { إِنَّهُ مُصِيبُهَا } من العذاب { مَآ أَصَابَهُمْ } ، يعني قوم لوط ، فالتفتت فأصابها حجر قتلها ، ثم قال : { إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ } ، ثم يهلكون ، قال لوط لجبريل : عجل عليَّ بهلاكهم الآن ، فرد عليه جبريل ، { أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } ؟ [ آية : 81 ] . يقول الله : { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا } ، يعني قولنا في نزول العذاب ، { جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا } ، يعني الخسف ، { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا } ، يعني على أهلها من كان خارجاً من المدائن الأربع ، { حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } ، يعني حجارة خالطها الطين ، { مَّنْضُودٍ } [ آية : 82 ] ، يعني ملزق الحجر بالطين . { مُّسَوَّمَةً } ، يعني معلمة ، { عِندَ رَبِّكَ } ، يعني جاءت من عند الله عز وجل ، ثم قال : { وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } [ آية : 83 ] ؛ لأنها قريب من الظالمين ، يعني من مشركي مكة ، فإنها تكون قريباً ، يخوفهم منها ، وسيكون ذلك في آخر الزمان ، يعني ما هي ببعيد ؛ لأنها قريب منهم ، والبعيد ما ليس بكائن ، فذلك قوله : { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً } [ المعارج : 6 ، 7 ] ، يعني كائناً .