Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 24-26)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وصفهم ، فقال سبحانه : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } ، يعني الخراصين ، { مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ آية : 24 ] ، وذلك أن الوليد بن المغيرة المخزومي ، قال لكفار قريش : إن محمداً صلى الله عليه وسلم حلو اللسان ، إذا كلم الرجل ذهب بعقله ، فابعثوا رهطاً من ذوي الرأى منكم والحجا في طريق مكة ، على مسيرة ليلة أو ليلتين ، إني لا آمن أن يصدقه بعضهم ، فمن سأل عن محمد صلى الله عليه وسلم ، فليقل بعضهم : إنه ساحر ، يفرق بين الاثنين ، وليقل بعضهم : إنه لمجنون ، يهذي في جنونه ، وليقل بعضهم : إنه شاعر ، لم يضبط الروي ، وليقل بعضهم : إنه كاهن ، يخبر بما يكون في غد ، وإن لم تروه خيراً من أن تروه ، لم يتبعه على دينه إلا العبيد والسفهاء ، يحدث عن حديث الأولين ، وقد فارقه خيار قومه وشيوخهم . فبعثوا ستة عشر رجلاً من قريش ، في أربع طرق ، على كل طريق أربعة نفر ، وأقام الوليد بن المغيرة بمكة على الطريق ، فمن جاء يسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لقيه الوليد ، فقال له مثل مقالة الآخرين ، فيصدع الناس عن قولهم ، وشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يرجو أن يتلقاه الناس ، فيعرض عليهم أمره ، ففرحت قريش حين تفرق الناس عن قولهم ، وهم يقولون : ما عند صاحبكم خير ، يعنون النبي صلى الله عليه وسلم ، وما بلغنا عنه إلا الغرور ، وفيهم المستهزءون من قريش ، فأنزل الله عز وجل فيهم : { وَإِذَا قِيَلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } ، يعني حديث الأولين وكذبهم . يقول الله تعالى : قالوا ذلك { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } ، يعني يحملوا خطيئتهم كاملة يوم القيامة ، { وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ } ، يعني من خطايا الذين { يُضِلُّونَهُمْ } ، يعني يستنزلونهم ، { بِغَيْرِ عِلْمٍ } يعلمونه ، فيها تقديم ، قال عز وجل : { أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } [ آية : 25 ] ، يعني ألا بئس ما يحملون ، يعني يعملون . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : { قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ } ، يعني قد فعل الذين { مِنْ قَبْلِهِمْ } ، يعني قبل كفار مكة ، يعني نمروذ بن كنعان الجبار الذي ملك الأرض ، وبني الصرح ببابل ؛ ليتناول فيما زعم إله السماء ، تبارك وتعالى ، وهو الذي حاج إبراهيم في ربه عز وجل ، وهو أول من ملك الأرض كلها ، وملك الأرض كلها ثلاثة نفر : نمروذ بن كنعان ، وذو القرنين ، واسمه الإسكندر قيصر ، ثم تبع بن أبي ضراحيل الحميرى . فلما بنى نمروذ الصرح طوله في السماء فرسخين ، فأتاه جبريل ، عليه السلام ، في صورة شيخ كبير ، فقال : ما تريد أن تصنع ؟ قال : أريد أن أصعد إلى السماء ، فأغلب أهلها كما غلبت أهل الأرض ، فقال له جبريل ، عليه السلام : إن بينك وبين السماء مسيرة خمسمائة عام ، والتي تليها مثل ذلك ، وغلظها مثل ذلك ، وهي سبع سماوات ، ثم كل سماء كذلك ، فأبى إلا أن يبني ، فصاح جبريل ، عليه السلام ، صيحة فطار رأس الصرح ، فوقع في البحر ، ووقع البقية عليهم ، فذلك قوله عز وجل : { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ } ، يعني من الأصل ، { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ } ، يعني فوقع عليهم البناء الأعلى من فوق رءوسهم ، { وَأَتَاهُمُ } ، يعني وجاءهم { ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } [ آية : 26 ] من بعد ذلك ، وبعدما اتخذ النسور ، وهى الصيحة من جبريل ، عليه السلام .