Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 90-93)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } بالتوحيد ، { وَٱلإحْسَانِ } ، يعنىالعفو عن الناس ، { وَإِيتَآءِ } ، يعني وإعطاء ، { ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } المال ، يعني صلة قرابة الرجل ، كقوله : { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ } [ الإسراء : 26 ] ، يعني صلته ، ثم قال سبحانه : { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ } يعني المعاصي ، { وَٱلْمُنْكَرِ } ، يعني الشرك وما لا يعرف من القول ، { وَٱلْبَغْيِ } ، يعني ظلم الناس ، { يَعِظُكُمْ } يعني يؤدبكم ، { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [ آية : 90 ] ، يعني لكي تذكروا فتتأدبوا . لما نزلت هذه الآية بمكة ، قال أبو طالب بن عبد المطلب : يا آل غالب ، اتبعوا محمداً صلى الله عليه وسلم تفلحوا وترشدوا ، والله إن ابن أخي ليأمر بمكارم الأخلاق ، وبالأمر الحسن ، ولا يأمر إلا بحسن الأخلاق ، والله لئن كان محمد صلى الله عليه وسلم صادقاً أو كاذباً ، ما يدعوكم إلا إلى الخير ، فبلغ ذلك الوليد بن المغيرة ، فقال : إن كان محمد صلى الله عليه وسلم قاله ، فنعم ما قال ، وإن إلهه قاله ، فنعم ما قال ، فأتنا بلسانه ، ولم يصدق محمداً صلى الله عليه وسلم بما جاء به ولم يتبعه ، فنزلت : { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً } [ النجم : 33 ، 34 ] بلسانه { وَأَكْدَىٰ } [ النجم : 34 ] ، يعني وقطع ذلك . ثم قال عز وجل : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } ، يقول : لا تنقضوا الأيمان بعد تشديدها وتغليظها ، { وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً } ، يعني شهيداً في وفاء العهد ، { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } [ آية : 91 ] في الوفاء والنقض . ثم ضرب مثلاً لمن ينقض العهد ، فقال سبحانه : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا } ، يعني امرأة من قريش حمقاء مصاحبة أسلمت بمكة تسمى ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، وسميت جعرانة لحماقتها ، وكانت إذا غزلت الشعر أو الكتان نقضته ، قال الله عز وجل : لا تنقضوا العهود بعد توكيدها ، كما نقضت المرأة الحمقاء غزلها ، { مِن بَعْدِ قُوَّةٍ } ، من بعد ما أبرمته ، { أَنكَاثاً } ، يعني نقضاً ، فلا هي تركت الغزل فينتفع به ، ولا هى كفت عن العمل ، فذلك الذي يعطي العهد ، ثم ينقضه ، لا هو حين أعطى العهد وفى به ، ولا هو ترك العهد فلم يعطه ، { مِن بَعْدِ قُوَّةٍ } ، يعني من بعد جدة ، ولم يأثم بربه . ثم قال سبحانه : { تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ } ، يعني العهد ، { دَخَلاً بَيْنَكُمْ } ، يعني مكراً وخديعة يستحل بها نقض العهد ، { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِ } ، يعني إنما يبتليكم الله بالكثرة ، { وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ } ، يعني من لا يفى بالعهد ، يعني وليحكمن بينكم ، { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ } من الدين ، { تَخْتَلِفُونَ } [ آية : 92 ] . ثم قال سبحانه : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } ، يعني على ملة الإسلام ، { وَلـٰكِن يُضِلُّ } عن الإسلام ، { مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي } إلى الإسلام ، { مَن يَشَآءُ وَلَتُسْأَلُنَّ } يوم القيامة { عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [ آية : 93 ] في الدنيا .