Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 99-103)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ } ، يعني ملك ، { عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } في علم الله في الشرك فيضلهم عن الهدى ، { وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [ آية : 99 ] ، يقول : بالله يتقون . { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ } ، يعني ملكه ، { عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ } ، يعني يتبعونه على أمره ، فيضلهم عن دينهم الإسلام ، { وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ } ، يعني بالله ، { مُشْرِكُونَ } [ آية : 100 ] ، كقوله سبحانه : { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } [ إبراهيم : 22 ] من ملك يعني إبليس على أمره . قوله عز وجل : { وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ } ، يعني وإذا حولنا آية فيها شدة فنسخناها وجئنا مكانها بغيرها ألين منها ، { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ } من التبديل من غيره ، { قَالُوۤاْ } ، قال كفار مكة للنبى صلى الله عليه وسلم : { إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ } ، يعني متقول على الله الكذب من تلقاء نفسك ، قلت كذا وكذا ، ثم نقضته وجئت بغيره . { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [ آية : 101 ] أن الله أنزله ، فإنك لا تقول إلا ما قد قيل لك . { قُلْ } يا محمد لكفار مكة : هذا القرآن ، { نَزَّلَهُ } على { رُوحُ ٱلْقُدُسِ } ، يعني جبريل ، عليه السلام ، { مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ } ، لم ينزله باطلاً ، { لِيُثَبِّت } ، يعني ليستيقن ، { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، يعني صدقوا بما في القرآن من الثواب ، { وَهُدًى } من الضلالة ، { وَبُشْرَىٰ } لما فيه من الرحمة ، { لِلْمُسْلِمِينَ } [ آية : 102 ] ، يعني المخلصين بالتوحيد ، وأنزل الله عز وجل : { يَمْحُو ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } [ الرعد : 39 ] من القرآن ، { وَيُثْبِتُ } ، فينسخه ويثبت الناسخ ، { وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } [ الرعد : 39 ] . { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } ، وذلك أن غلاماً لعامر بن الحضرمي القرشى يهودياً أعجمياً ، كان يتكلم بالرومية يسمى يسار ، ويكنى أبا فكيهة ، كان كفار مكة إذا رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يحدثه ، قالوا : إنما يعلمه يسار أبو فكيهة ، فأنزل الله تعالى : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } ، ثم أخبر عن كذبهم ، فقال سبحانه : { لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ } ، يعني يميلون ، كقوله سبحانه : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ } [ الحج : 25 ] ، يعني يميل ، { أَعْجَمِيٌّ } رومي ، يعني أبا فكيهة ، { وَهَـٰذَا } القرآن ، { لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ } [ آية : 103 ] ، يعني بين يعقلونه ، نظيرها في حم السجدة قوله سبحانه : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ } [ فصلت : 44 ] ، لقالوا : محمد صلى الله عليه وسلم عربي ، والقرآن أعجمي ، فذلك قوله سبحانه : { قُرْآناً أعْجَمِيّاً } إلى آخر الآية . فضربه سيده ، فقال : إنك تعلم محمداً صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو فكيهة : بل هو يعلمني ، فأنزل الله عز وجل في قولهم : { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } [ الشعراء : 192 - 193 ] ؛ لقولهم : إنما يعلم محمداً صلى الله عليه وسلم يسار أبو فكيهة .