Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 4-8)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال سبحانه : { وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ } ، يقول : وعهدنا إليهم في التوراة ، { لَتُفْسِدُنَّ } ، لتهلكن { فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ } ، فكان بين الهلاكين مائتا سنة وعشر سنين ، { وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } [ آية : 4 ] ، يقول : ولتقهرن قهراً شديداً حتى تذلوا ، وذلك بمعصيتهم الله عز وجل . فذلك قوله تعالى : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا } ، يعني وقت أول الهلاكين ، { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } ، بختنصر المجوسى ملك بابل وأصحابه ، { فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ } ، يعني فقتل الناس في الأزقة ، وسبى ذراريهم ، وخرب بيت المقدس ، وألقى فيه الجيف ، وحرق التوراة ، ورجع بالسبي إلى بابل ، فذلك قوله سبحانه : { وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً } [ آية : 5 ] ، يعني وعداً كائناً لا بد منه ، فكانوا ببابل سبعين سنة . ثم إن الله عز وجل استنقذهم على يد كروس بن مزدك الفارس ، فردهم إلى بيت المقدس ، فذلك قوله عز وجل : { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ } ، حتى كثروا ، فذلك قوله عز وجل : { وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً } [ آية : 6 ] ، يعني أكثر رجالاً منكم قبل ذلك ، فكانوا بها مائتي سنة وعشر سنين ، فيهم أنبياء . ثم قال سبحانه : { إِنْ أَحْسَنْتُمْ } العلم لله بعد هذه المرة ، { أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ } فلا تهلكوا ، { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } ، يعني وإن عصيتم فعلى أنفسكم ، فعادا إلى المعاصي الثانية ، فسلط الله عليهم أيضاً انطباخوس بن سيس الرومي ملك أرض نينوى ، فذلك قوله عز وجل : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ } ، يعني وقت آخر الهلاكين ، { لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ } ، يعني ليقبح وجوهكم ، فقتلهم وسبى ذراريهم ، وخرب بيت المقدس ، وألقى فيه الجيف ، وقتل علماءهم ، وحرق التوراة ، فذلك قوله عز وجل : { وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ } ، يعني بيت المقدس ، انطياخوس بن سيس ومن معه بيت المقدس ، { كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ، يقول : كما دخله بختنصر المجوسي وأصحابه قبل ذلك ، قال سبحانه : { وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً } [ آية : 7 ] ، يقول عز وجل : وليدمروا ما علوا ، يقول : ما ظهروا عليه تدميراً ، كقوله سبحانه في الفرقان : { وَكَلا تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } [ الفرقان : 39 ] ، يعني وكلا دمرنا تدميراً . ثم قال : { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ } ، فلا يسلط عليكم القتل والسبي ، ثم إن الله عز وجل استنقذهم على يدي المقياس ، فردهم إلى بيت المقدس فعمروه ، ورد الله عز وجل إليهم ألفتهم ، وبعث فيهم أنبياء ، ثم قال لهم : { وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا } ، يقول : وإن عدتم إلى المعاصى عدنا عليكم بأشد مما أصابكم ، يعني من القتل والسبي ، فعادوا إلى الكفر ، وقتلوا يحيى بن زكريا ، فسلط الله عيلهم ططس بن استاتوس الرومي ، ويقال : اصطفابوس ، فقتل على دم يحيى بن زكريا مائة ألف وثمانين ألفاً من اليهود ، فهم الذين قتلوا الرقيب على عيسى الذى كان شبه لهم ، وسبى ذراريهم ، وأحرق التوراة ، وخرب بيت المقدس ، وألقى فيه الجيف ، وذبح فيه الخنازير ، فلم يزل خراباً حتى جاء الإسلام ، فعمره المسلمون ، { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } [ آية : 8 ] ، يعني محبساً لا يخرجون منها أبداً ، كقوله عز وجل : { لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ } [ البقرة : 273 ] ، يعني حبسوا في سبيل الله .