Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 34-40)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله عز وجل : { ذٰلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ ٱلْحَقِّ } ، يعني هذا عيسى ابن مريم قول العدل ، يعني الصدق ، { ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ } [ آية : 34 ] ، يعني الذي فيه يشكون في أمر عيسى صلى الله عليه وسلم ، وهم النصارى . { مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ } ، يعني عيسى صلى الله عليه وسلم ، { سُبْحَانَهُ } ، نزه نفسه عز وجل ، { إِذَا قَضَىٰ أَمْراً } كان في علمه ، يعني عيسى صلى الله عليه وسلم ، { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ آية : 35 ] مرة واحدة لا يثني القول فيه مرتين . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، قال : حدثني مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، أنه قال : { كُن فَيَكُونُ } بالفارسية ، لا يثني القول مرتين ، إذا قال مرة كان . ثم قال عيسى صلى الله عليه وسلم لبني إسرائيل : { وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ } ، يعني فوحدوه ، { هَـٰذَا } التوحيد ، { صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [ آية : 36 ] ، يعني دين الإسلام مستقيم ، وغير دين الإسلام أعوج ليس بمستقيم . { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ } ، يعني النصارى ، { مِن بَيْنِهِمْ } ، تحزبوا في عيسى صلى الله عليه وسلم ثلاث فرق : النسطورية قالوا : عيسى ابن الله ، { وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } [ الإسراء : 43 ] ، والمار يعقوبية قالوا : عيسى هو الله ، { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } [ الإسراء : 43 ] ، والملكانيون قالوا : { إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } [ المائدة : 73 ] ، يقول الله : وحده لا شريك له : { فَوْيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، يعني تحزبوا في عيسى صلى الله عليه وسلم ، { مِن مَّشْهِدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [ آية : 37 ] لديه ، يعني يوم القيامة . { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ } ، يقول : هم يوم القيامة أسمع قوم وأبصر بما كانوا فيه من الوعيد وغيره ، { يَوْمَ يَأْتُونَنَا } في الآخرة ، فذلك قوله سبحانه : { رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } [ السجدة : 12 ] ، ثم قال سبحانه : { لَـٰكِنِ ٱلظَّالِمُونَ ٱلْيَوْمَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ آية : 38 ] ، يعني المشركين اليوم في الدنيا في ضلال مبين ، فلا يسمعون اليوم ، ولا يبصرون ما يكون في الآخرة . { وَأَنْذِرْهُمْ } ، يعني كفار مكة ، { يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ } ، يوم يذبح الموت كأنه كبش أملح . حدثنا عبيد الله ، قال : حدثني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل ، عن عثمان بن سليم ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : يجعل الموت في صورة كبش أملح ، فيذبحه جبريل بين الجنة والنار ، وهم ينظرون إليه ، فيقال لأهل الجنة : خلود فلا موت فيها ، ولأهل النار : خلود فلا موت فيها ، فلولا ما قضى الله عز وجل على أهل النار من تعمير أرواحهم في أبدانهم لماتوا من الحسرة . ثم قال سبحانه : { إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ } ، يعني إذا قضي العذاب ، { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ } اليوم { وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ آية : 39 ] ، يعني لا يصدقون بما يكون في الآخرة . { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا } ، يعني نميتهم ويبقى الرب جل جلاله ، ونرث أهل السماء وأهل الأرض ، ثم قال سبحانه : { وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } [ آية : 40 ] ، يعني في الآخرة بعد الموت .