Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 56-59)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } وذلك " أن أبا طالب بن عبد المطلب ، قال : يا معشر بني هاشم ، أطيعوا محمداً صلى الله عليه وسلم ، وصدقوه تفلحوا وترشدوا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا عم ، تأمرهم بالنصيحة لأنفسهم وتدعها لنفسك " ، قال : فما تريد يا ابن أخي ؟ قال : " أريد منك كلمة واحدة ، فإنك في آخر يوم من الدنيا ، أن تقول : لا إله إلا الله ، أشهد لك بها عند الله " عز وجل ، قال : يا ابن أخي ، قد علمت أنك صادق ، ولكني أكره أن يقال : جزع عند الموت ، ولولا أن يكون عليك ، وعلى بني أبيك غضاضة وسبة لقلتها ، ولأقررت بعينك عند الفراق لما أرى من شدة وجدك ونصيحتك ، ولكن سوف أموت على ملة أشياخ عبد المطلب ، وهاشم وعبد مناف " ، فأنزل الله عز وجل : { إِنَّكَ } يا محمد { لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } إلى الإسلام { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } [ آية : 56 ] يقول : وهو أعلم بمن قدر له الهدى . { وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ } نزلت فى الحارث بن نوفل بن عبد مناف القرشي ، وذلك أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا لنعلم أن الذي تقول حق ، ولكنا يمنعنا أن نتبع الهدى معك مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا ، يعني مكة ، فإنما نحن أكلة رأس العرب ، ولا طاقة لنا بهم ، يقول الله تعالى : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ } يحمل إلى الحرم { ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ } يعني بكل شيء من ألوان الثمار { رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا } يعني من عندنا { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ } يعني أهل مكة { لاَ يَعْلَمُونَ } [ آية : 57 ] يقول : هم يأكلون رزقى ويعبدون غيري ، وهم آمنون في الحرم من القتل والسبي ، فكيف يخافون لو أسلموا أن لا يكون ذلك لهم ، نجعل لهم الحرم آمنا في الشرك ونخوفهم في الإسلام ؟ فإنا لا نفعل ذلك بهم لو أسلموا . ثم خوفهم عز وجل ، فقال سبحانه : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا } يقول : بطروا وأشروا يتقلبون في رزق الله عز وجل ، فلم يشكروا الله تعالى في نعمه فأهلكهم بالعذاب { فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ } يعني من بعد هلاك أهلها { إِلاَّ قَلِيلاً } من المساكن فقد يسكن في بعضها { وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ } [ آية : 58 ] لما خلفوا من بعد هلاكهم يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية حين قالوا : نتخوف أن نتخطف من مكة . ثم قال الله عز وجل : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ } يعني معذب أهل القرى الخالية { حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِيۤ أُمِّهَا رَسُولاً } يعني في أكبر تلك القرى رسولاً ، وهي مكة { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } يقول : يخبرهم الرسول بالعذاب بأنه نازل بهم في الدنيا إن لم يؤمنوا { وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ } يعني معذبي أهل القرى في الدنيا { إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } [ آية : 59 ] يقول : إلا وهم مذنبون ، يقول : لم نعذب على غير ذنب .