Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 122-125)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر بمستقر من لا يتولى الشيطان ، فقال : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً } ، يعنى صدقاً أنه منجز لهم ما وعدهم ، { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً } [ آية : 122 ] ، فليس أحد أصدق قولاً منه عز وجل فى أمر الجنة والنار والبعث وغيره ، { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } ، نزلت فى المؤمنين واليهود والنصارى ، قالت اليهود : كتابنا قبل كتابكم ، ونبينا قبل نبيكم ، فنحن أهدى وأولى بالله منكم ، وقالت النصارى : نبينا كلمة الله وروح الله وكلمته ، وكان يحيى الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، وفى كتابنا العفو ، وليس فيه قصاص ، فنحن أولى بالله منكم معشر اليهود ومعشر المسلمين . فقال المسلمون : كذبتم ، كتابنا نسخ كل كتاب ، ونبينا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ، وآمنا بنبيكم وكتابكم ، وكذبتم نبينا وكتابنا ، وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ، ونعمل بكتابنا ، فنحن أهدى منكم وأولى منكم ، فأنزل الله عز وجل : { لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ } معشر المؤمنين { وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } [ آية : 123 ] . { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } [ آية : 124 ] ، { مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } ، نزلت فى المؤمنين مجازات الدنيا تصيبهم فى النكبة بحجر ، والضربة واختلاج عرق أو خدش عود ، أو عثرة قدم فيدميه أو غيره ، فبذنب قدم وما يعفو الله عنه أكبر ، فذلك قوله سبحانه : { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } [ الشورى : 30 ] ، ثم قال : { وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً } ، يعنى قريباً ينفعه ، { وَلاَ نَصِيراً } يعنى ولا مانعاً يمنعه من الله عز وجل . فلما افتخرت اليهود على المؤمنين بالمدينة بين الله عز وجل ، أمر المؤمنين ، فقال سبحانه : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } بتوحيد الله عز وجل ، { فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } ، يعنى ولا ينقصون من أعمالهم الحسنة نقيراً حتى يجازوا بها ، يعنى النقير الذى فى ظهر النواة التى تنبت منه النخلة . ثم اختار من الأديان دين الإسلام ، فقال عز وجل : { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله } ، يعنى أخلص دينه لله ، { وَهُوَ مُحْسِنٌ } فى علمه ، { واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } ، يعنى مخلصاً ، { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } [ آية : 125 ] ، يعنى محباً ، وأنزل الله عزوجل فيهم : { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ } يعنى كفار أهل الكتاب ، { ٱخْتَصَمُواْ } يعنى ثلاثتهم : المسلمين واليهود والنصارى ، { فِي رَبِّهِمْ } أنهم أولياء الله ، ثم أخبر بمستقر الكافر ، فقال : { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارِ } [ الحج : 19 ] ، يعنى جعلت لهم ثياب من نار ، إلى آخر الآية ، ثم أخبر سبحانه بمستقر المؤمنين ، فقال : { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ . … } إلى آخر الآية . قوله : { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } ، والخليل الحبيب ؛ لأن الله أحبه فى كسره الأصنام ، وجداله قومه ، واتخذ الله إبراهيم خليلاً قبل ذبح ابنه ، فلما رأته الملائكة حين أمر بذبح ابنه ، أراد المضى على ذلك ، قالت الملائكة : لو أن الله عز وجل اتخذ عبداً خليلاً لا تخذ هذا خليلاً محباً ، ولا يعلمون أن الله عز وجل اتخذه خليلاً ، وذلك أن " النبى صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ، رضى الله عنهم : " إن صاحبكم خليل الرحمن " ، يعنى نفسه ، فقال المنافقون لليهود : ألا تنظرون إلى محمد يزعم أنه خليل الله ، لقد اجترأ ، فأنزل الله عز وجل : { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } ، وإنما إبراهيم عبد من عباده مثل محمد ، واتخذ إبراهيم خليلاً حين ألقى فى النار ، فذهب حر النيران يومئذ من الأرض كلها .