Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 17-29)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ } بموسى صلى الله عليه وسلم حتى ازدروه ، كما ازدرى أهل مكة النبى صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه ولد فيهم فازدروه ، فكان النبى صلى الله عليه سلم فتنة لهم ، كما كان موسى صلى الله عليه وسلم فتنة لفرعون وقومه ، فقالت قريش : أنت أضعفنا وأقلنا حيلة ، فهذا حين ازدروه ، كما ازدروا موسى ، عليه السلام ، حين قالوا : { أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً } [ الشعراء : 18 ] ، فكانت فتنة لهم ، من أجل ذلك ذكر فرعون دون الأمم ، نظيرها فى المزمل : { إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً } [ المزمل : 15 ] . قوله : { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ } كما فتنا قريشاً بمحمد صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهما ولدا فى قومهما ، { وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } [ آية : 17 ] ، يعنى الخلق ، كان يتجاوز ويصفح ، يعنى موسى حين سأل ربه أن يكشف عن أهل مصر الجراد والقمل . فقال موسى لفرعون : { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ } ، يعنى أرسلوا معى بنى إسرائيل ، يقول : وخل سبيلهم ، فإنهم أحرار ولا تستعبدهم ، { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ } من الله ، { أَمِينٌ } [ آية : 18 ] فيما بينى وبين ربكم . { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ } ، يعنى لا تعظموا على الله أن توحدوه ، { إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [ آية : 19 ] ، يعنى حجة بينة ، كقوله : ألا تعلوا على الله ، يقول : ألا تعظموا على الله ، { إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } ، يعنى حجة بينة ، وهى اليد والعصا ، فكذبوه ، فقال فرعون فى حم المؤمن : { ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ } [ غافر : 26 ] . فاستعاذ موسى فقال : { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ } ، يعنى فرعون وحده ، { أَن تَرْجُمُونِ } [ آية : 20 ] ، يعنى أن تقتلون . { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } [ آية : 21 ] ، يقول : وإن لم تصدقونى يعنى فرعون وحده ، { فَٱعْتَزِلُونِ } ، فدعا موسى ربه فى يونس ، فقال : { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } [ يونس : 86 ] ، يعنى نجنى وبنى إسرائيل ، وأرسل العذاب على أهل مصر . قوله تعالى : { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ } ، يعنى أهل مصر ، { قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } [ آية : 22 ] ، فلا يؤمنون ، فاستجاب الله له . فاوحى الله تعالى إليه : { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } [ آية : 23 ] ، يقول : يتبعكم فرعون وقومه . { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } ، وذلك أن بنى إسرائيل لما قطعوا البحر ، قالوا لموسى صلى الله عليه وسلم : فرق لنا البحر كما كان ، فإننا نخشى أن يقطع فرعون وقومه آثارنا ، فأراد موسى ، عليه السلام ، أن يفعل ذلك ، كان الله تعالى أوحى إلى البحر أن يطيع موسى ، عليه السلام ، فقال الله لموسى : { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً } ، يعنى صفوفاً ، ويقال : ساكناً ، { إِنَّهُمْ } ، إن فرعون وقومه { جُندٌ مُّغْرَقُونَ } [ آية : 24 ] ، فأغرقهم الله فى نهر مصر ، وكان عرضه يومئذ فرسخين . فقال الله تعالى : { كَمْ تَرَكُواْ } من بعدهم ، يعنى فرعون وقومه ، { مِن جَنَّاتٍ } ، يعنى بساتين ، { وَعُيُونٍ } [ آية : 25 ] ، يعنى الأنهار الجارية . { وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } [ آية : 26 ] ، يعنى ومساكن حسان . { وَنَعْمَةٍ } من العيش ، { كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } [ آية : 27 ] ، يعنى أرض مصر معجبين . { كَذَلِكَ } ، يقول : هكذا فعلنا بهم فى الخروج من مصر ، ثم قال : { وَأَوْرَثْنَاهَا } ، يعنى أرض مصر ، { قَوْماً آخَرِينَ } [ آية : 28 ] ، يعنى بنى إسرائيل ، فردهم الله إليها بعد الخروج مها . ثم قال : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ } ، وذلك أن المؤمن إذا مات بكى عليه معالم سجوده من الأرض ، ومصعد عمله من السماء أربعين يوماً وليلة ، ويبكيان على الأنبياء ثمانين يوماً وليلة ، و لايبكيان على الكافر ، فذلك قوله : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ } ؛ لأنهم لم يصلوا لله فى الأرض ، ولا كانت لهم أعمال صالحة تصعد إلى السماء ؛ لكفرهم ، { وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } [ آية : 29 ] ، لم يناظروا بعد الآيات التسع حتى عذبوا بالغرق .