Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 44-47)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر الله عن التوراة ، فقال سبحانه : { إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ } وضياء من الظلمة ، { يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ } من لدن موسى ، عليه السلام ، إلى عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ، ألف نبى ، { ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ } يعنى أنهم مسلمون ، أو أسلموا وجوههم لله ، { لِلَّذِينَ هَادُواْ } ، يعنى اليهود يحكمون بما لهم وما عليهم ، { وَ } يحكم بها { وَٱلرَّبَّانِيُّونَ } ، وهم المتعبدون من أهل التوراة من ولد هارون ، يحكمون بالتوراة ، { وَٱلأَحْبَارُ } ، يعنى القراء والعلماء منهم ، { بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ } عز وجل من الرجم ، وبعث محمد صلى الله عليه وسلم فى كتابهم ، ثم قال يهود المدينة ، كعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، ومالك ابن الضيف ، وأصحابهم ، { وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلاَ تَخْشَوُاْ ٱلنَّاسَ } ، يقول : لا تخشوا يهود خيبر أن تخبروهم بالرجم ، ونعت محمد صلى الله عليه وسلم ، { وَٱخْشَوْنِ } إن كتمتموه ، { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً } عرضاً يسيراً مما كانوا يصيبون من سفلة اليهود من الطعام والثمار ، { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } فى التوراة بالرجم ونعت محمد صلى الله عليه وسلم ، ويشهد به ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ } [ آية : 44 ] . ولما أرادوا القيام ، " قالت بنو قريظة ، أبو لبابة ، وشعبة بن عمرو ، ورافع بن حريملة ، وشاس بن عمرو ، للنبى صلى الله عليه وسلم ، إخواننا بنى النضير ، كعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، ومالك بن الضيف ، وغيرهم ، أبونا واحد ، وديننا واحد ، إذا قتل أهل النضير منا قتيلاً ، أعطونا سبعين وسقاً من تمر ، وإن قتلنا منهم قتيلاً ، أخذوا منا مائة وأربعين وسقاً من تمر ، وجراحاتنا على أنصاف جراحاتهم ، فاقض بيننا وبينهم يا محمد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن دم القرظى وفاء من دم النضيرى ، وليس للنضيرى على القرظى فضل فى الدم ولا فى العقل " ، قال كعب بن الأشرف ، ومالك بن الضيف ، وكعب بن أسيد ، وأصحابهم ، لا نرضى بقضائك ، ولا نطيع أمرك ، ولنأخذن بالأمر الأول ، فإنك عدونا ، وما تأول أن تضعنا وتضرنا . وفى ذلك يقول الله تعالى : { أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ } ، يعنى حكمهم الأولن { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً } ، يقول : فلا أحد أحسن من الله حكماً ، { لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } ، وعد الله عز وجل ووعيده ، ثم أخبر عن التوراة ، فقال سبحانه : { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ } ، يعنى وفرضنا عليهم فى التوراة ، نظيرها فى المجادلة : { كَتَبَ ٱللَّهُ } [ المجادلة : 21 ] ، يعنى قضى ، { أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ وَٱلأَنْفَ بِٱلأَنْفِ وَٱلأُذُنَ بِٱلأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ } ، يقول : فمن تصدق بالقتل والجراحات ، فهو كفارة لذنبه ، يقول : إن عفى الجروح عن الجارح ، فهو كفارة للجارح من الجرح ، ليس عليه قود ولا دية ، { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ } فى التوراة من أمر الرجم والقتل والجراحات ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } [ آية : 45 ] . ثم أخبر عن أهل الإنجيل ، فقال : { وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم } ، يعنى وبعثنا من بعدهم ، يعنى من بعد أهل التوراة ، { بِعَيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلتَوْرَاةِ } ، يقول : عيسى يصدق بالتوراة ، { وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ } ، يعنى أعطينا عيسى الإنجيل ، { فِيهِ هُدىً } من الضلالة ، { وَنُورٌ } من الظلمة ، { وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ } ، يقول : الإنجيل يصدق التوراة ، { وَ } الإنجيل { وَهُدىً } من الضلالة ، { وَمَوْعِظَةً } من الجهل ، { لِّلْمُتَّقِينَ } [ آية : 46 ] الشرك . ثم قال عز وجل : { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ ٱلإِنْجِيلِ } من الأحبار والرهبان ، { بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِ } ، يعنى فى الإنجيل من العفو عن القاتل أو الجارح والضارب ، { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } فى الإنجيل من العفو واقتص من القاتل والجارح والضارب ، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [ آية : 47 ] ، يعنى العاصين لله عز وجل .