Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 54-57)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله سبحانه : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ } ، وذلك حين هزموا يوم أُحُد ، شك أناس من المسلمين ، فقالوا ما قالوا : { فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } ، فارتد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو تميم ، وبنو حنيفة ، وبنو أسد ، وغطفان ، وأُناس من كندة ، منهم الأشعث بن قيس ، فجاء الله عز وجل بخير من الذين ارتدوا ، بوهب بطن من كندة ، وبأحمس بجيلة ، وحضرموت ، وطائفة من حمير وهمذان ، أبدلهم مكان الكافرين . ثم نعتهم ، فقال سبحانه : { أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } بالرحمة واللين ، { أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } ، يعنى عليهم بالغلظة والشدة ، فسدد الله عز وجل بهم الدين ، { يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } العدو ، يعنى فى طاعة الله ، { وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاۤئِمٍ } ، يقول : ولا يبالون غضب من غضب عليهم ، { ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ } ، يعنى دين الإسلام ، { يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ } لذلك الفضل ، { عَلِيمٌ } [ آية : 54 ] لمن يؤتى الإسلام ، وفيهم نزلت وفى الإبدال : { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم } [ محمد : 38 ] . وقوله سبحانه : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } [ آية : 55 ] ، وذلك أن عبدالله بن سلام وأصحابه قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم عند صلاة الأولى : إن اليهود أظهروا لنا العداوة من أجل الإسلام ، ولا يكلموننا ، ولا يخالطوننا فى شئ ، ومنازلنا فيهم ، ولا نجد متحدثاً دون هذا المسجد ، فنزلت هذه الآية ، فقرأها النبى صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : قد رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين أولياء ، وجعل الناس يصلون تطوعاً بعد المكتوبة ، وذلك فى صلاة الأولى . " وخرج النبى صلى الله عليه وسلم إلى باب المسجد ، فإذا هو بمسكين قد خرج من المسجد ، وهو يحمد الله عز وجل ، فدعاه النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال : " هل أعطاك أحد شيئاً ؟ " ، قال : نعم يا نبى الله ، قال : " من أعطاك ؟ " ، قال : الرجل القائم أعطانى خاتمه ، يعنى على بن أبى طالب ، رضوان الله عليه ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " على أى حال أعطاكه ؟ " ، قال : أعطانى وهو راكع ، فكبر النبى صلى الله عليه وسلم ، وقال : " الحمد لله الذى خص عليّاً بهذه الكرامة " ، فأنزل الله عز وجل : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } { وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، يعنى على بن أبى طالب ، رضى الله عنه ، { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [ آية : 56 ] ، يعنى شيعة الله ورسوله والذين آمنوا هم الغالبون ، فبدأ بعلى بن أبى طالب ، رضى الله عنه ، قبل المسلمين ، ثم جعل المسلمين وأهل الكتاب المؤمنين ، فيهم عبدالله بن سلام وغيره هم الغالبون لليهود ، حين قتلوهم وأجلوهم من المدينة إلى الشام وأذرعات وأريحا . قوله سبحانه : { يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، يعنى المنافقين الذين أقروا باللسان وليس الإيمان فى قلوبهم ، { لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ } الإسلام { هُزُواً وَلَعِباً } ، يعنى استهزاء وباطلاً ، وذلك أن المنافقين كانوا يوالون اليهود فيتخذونهم أولياء ، قال : { مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } ، يعنى اليهود ، { مِن قَبْلِكُمْ } ؛ لأنهم أعطوا التوراة قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، يقول : لا تتخذونهم أولياء ، { وَ } لا تتخذوا { وَٱلْكُفَّارَ أَوْلِيَآءَ } ، يعنى كفار اليهود ومشركى العرب ، ثم حذرهم ، فقال : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [ آية : 57 ] ، يعنى إن كنتم مصدقين ، فلا تتخذونهم أولياء ، يعنى كفار العرب ، حين قال عبدالله بن أبى ، وعبدالله بن نتيل ، وأبو لبابة ، وغيرهم من اليهود : لئن أُخرجتم لنخرجن معكم ، حين كتبوا إليهم .