Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 58-63)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن اليهود ، فقال سبحانه : { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً } ، يعنى استهزاء وباطلاً ، وذلك أن اليهود كانوا إذا سمعوا الأذان ، ورأوا المسلمين قاموا إلى صلاتهم ، يقولون : قد قاموا لا قاموا ، وإذا رأوهم ركعوا ، قالوا : لا ركعوا ، وإذا رأوهم سجدوا ضحكوا ، وقالوا : لا سجدوا ، واستهزءوا ، يقول الله تعالى : { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } [ آية : 58 ] ، يقول : لو عقلوا ما قالوا هذه المقالة . { قُلْ يَـۤأَهْلَ ٱلْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ } [ آية : 59 ] ، قال : " أتى النبى صلى الله عليه وسلم أبو ياسر ، وحيى بن أخطب ، ونافع بن أبى نافع ، وعازر بن أبى عازر ، وخالد وزيد ابنا عمرو ، وأزر بن أبى أزر ، وأشيع ، فسألوه عن من يؤمن به من الرسل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نؤمن { بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } " [ البقرة : 136 ] ، فلما ذكر عيسى ابن مريم جحدوا نبوته صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : لا نؤمن بعيسى ولا بمن آمن به ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية : { قُلْ يَـۤأَهْلَ ٱلْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِٱللَّهِ } ، يعنى صدقنا بالله بأنه واحد لا شريك له ، { وَ } صدقنا بـ { مَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا } ، يعنى قرآن محمد صلى الله عليه وسلم ، { وَ } صدقنا بـ { وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ } قرآن محمد صلى الله عليه وسلم ، الكتب التى أنزلها الله عز وجل على الأنبياء ، عليهم السلام ، { وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ } ، يعنى عصاة . قالت اليهود للمؤمنين : ما نعلم أحداً من أهل هذه الأديان أقل حظاً فى الدنيا والآخرة منكم ، فأنزل الله عز وجل : { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ } ، يعنى المؤمنين ، { مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ } ، يعنى ثواباً من عند الله ، قالت اليهود : من هم يا محمد ؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم : { مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ } وهم اليهود ، { وَغَضِبَ عَلَيْهِ } ، فإن لم يقتل أقر بالخراج وغضب عليه ، { وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ } ، القردة فى شأن الحيتان ، والخنازير فى شأن المائدة ، { وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ } ، فيها تقديم ، { وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ } ، يعنى ومن عبد الطاغوت ، وهو الشيطان ، { أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً } فى الدنيا ، يعنى شر منزلة ، { وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ } [ آية : 60 ] ، يعنى وأخطأ عن قصد الطريق من المؤمنين . فلما نزلت هذه الآية ، عيرت اليهود ، فقالوا : لهم : يا إخوان القردة والخنازير ، فنكسوا رءوسهم وفضحهم الله تعالى ، وجاء أبو ياسر بن أخطب ، وكعب بن الأشرف ، وعزر بن أبى عازر ، ونافع بن أبى نافع ، ورافع بن أبى حريملة ، وهم رؤساء اليهود ، حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : قد صدقنا بك يا محمد ؛ لأنا نعرفك ونصدقك ونؤمن بك . ثم خرجوا من عنده بالكفر ، غير أنهم أظهروا الإيمان ، فأنزل الله عز وجل فيهم : { وَإِذَا جَآءُوكُمْ } اليهود ، { قَالُوۤاْ آمَنَّا } ، يعنى صدقنا بمحمد صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهم دخلوا عليه وهم يسرون الكفر ، وخرجوا من عنده بالكفر ، فذلك قوله سبحانه { وَقَدْ دَّخَلُواْ بِٱلْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ } ، يعنى بالكفر مقيمين عليه ، { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ } [ آية : 61 ] ، يعنى بما يسرون فى قلوبهم من الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، نظيرها فى آل عمران . ثم أخبر عنهم ، فقال سبحانه : { وَتَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلإِثْمِ } ، يعنى المعصية ، { وَٱلْعُدْوَانِ } ، يعنى الظلم ، وهو الشرك ، { وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ } ، يعنى كعب بن الأشرف ؛ لأنه كان يرشى فى الحكم ويقضى بالجور ، { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ آية : 62 ] ، ثم عاتب الله عز وجل الربانيين والأحبار ، فقال : { لَوْلاَ } ، يعنى فهلا { يَنْهَاهُمُ ٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ } ، يعنى بالربانيين المتعبدين والأحبار ، يعنى القراء الفقهاء أصحاب القربان من ولد هارون ، عليه السلام ، وكانوا رءوس اليهود ، { عَن قَوْلِهِمُ ٱلإِثْمَ } ، يعنى الشرك ، { وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ } ، يعنى الرشوة فى الحكم ، { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } [ آية : 63 ] ، حين لم ينهوهم ، فعاب من أكل السحت : الرشوة فى الحكم ، وعاب الربانيين الذين لم ينهوهم عن أكله .