Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 106-110)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } ، وذلك حين دُعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملة آبائه ، فأنزل الله عز وجل : { ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ آية : 106 ] ، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : أعرض عنهم إذا أشركوا . { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ } ، يقول : ولو شاء الله لمنعهم من الشرك ، { وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } ، يعني رقيباً إن لم يوحدوا ، { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } [ آية : 107 ] ، يعني بمسيطر ، فنسختها آية السيف . { وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يذكرون أوثان أهل مكة بسوء ، فقالوا : لينتهين محمد عن شتم آلهتنا أو لنسبن ربه ، فنهى الله المؤمنين عن شتم آلهتهم فيسبوا ربهم ؛ لأنهم جهلة بالله ، وأنزل الله : { وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني يعبدون من دون الله من الآلهة { فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ } يعلمونه أنهم يسبون الله ، يعني أهل مكة ، { كَذَلِكَ } ، يعني هكذا { زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ } ، يعني ضلالتهم ، { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ } في الآخرة ، { فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ آية : 108 ] . فلما نزلت هذه الآية ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " لا تسبوا ربكم " فأمسك المسلمون عند ذلك عن شتم آلهتهم ، { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } ، فمن حلف بالله فقد اجتهد في اليمين ، وذلك أن كفار مكة حلفوا للنبي صلى الله عليه وسلم ، { لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ } كما كانت الأنبياء تجئ بها إلى قومهم ، { لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا } ليؤمنن بالآية ، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ } ، إن شاء أرسلها وليست بيدي ، { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } وما يدريكم { أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ آية : 109 ] ، يعني لا يصدقون ، لما سبق في علم الله من الشقاء . { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ } ، يعني قلوبهم ، { وَأَبْصَارَهُمْ } عن الإيمان ، { كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ، يقول : كما لم يؤمن بها أوائلهم من الأمم الخالية بما سألوا من الآيات قبلها ، فكذلك كفار أهل مكة لا يصدقون بها إن جاءتهم آية ، ثم قال : { وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ آية : 110 ] ، يعني في ضلالتهم يترددون ، لا نخرجهم منها أبداً .