Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 64-69)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَ } حسب { وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ آية : 64 ] بالله عز وجل ، نزلت بالبيداء فى غزاة بدر قبل القتال ، وفيها تقديم . { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ } ، يعني حضض المؤمنين على القتال ببدر ، { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ } ، يعني يقاتلوا ، { مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ } ، يعني يقاتلوا ، { أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالتوحيد ، كفار مكة ببدر ، { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } [ آية 65 ] الخير ، فجعل الرجل من المؤمنين ، يقاتل عشرة من المشركين ، فلم يكن فرضه الله لا بد منه ، ولكن تحريض من الله ليقاتل الواحد عشرة . فلم يطق المؤمنون ذلك ، فخفف الله عنهم بعد قتال بدر ، فأنزل الله : { ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ } ، يعني بعد قتال بدر ، { وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ } عدة { مِّئَةٌ } رجل { صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ } ، يعني يقاتلوا مائتين ، { وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ } رجل { يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } [ آية : 66 ] فى النصر لهم على عدوهم ، فأمر الله أن يقاتل الرجل المسلم وحده رجلين من المشركين ، فمن أسره المشركون بعد التخفيف ، فإنه لا يفادى من بيت المال إذا كان المشركون مثل المؤمنين ، وإن كان المشركون أكثر من الضعف ، فإنه يفادى من بيت المال ، فينبغي للمسلمين أن يقاتلوا الضعف من المشركين إلى أن تقوم الساعة ، وكانت المنزلة قبل التخفيف لا يفتدى الأسير إلى على نحو ذلك . { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ } من قبلك يا محمد { أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ } عدوه { فِي ٱلأَرْضِ } ويظهر عليهم ، { تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا } ، يعنى المال ، وهو الفداء من المشركين ، نزلت بعد قتال بدر ، { وَٱللَّهُ يُرِيدُ } لكم { ٱلآخِرَةَ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } ، يعنى منيع فى ملكه ، { حَكِيمٌ } [ آية : 67 ] فى أمره ، وذلك أن الغنائم لم تحل لأحد من الأنبياء ولا المؤمنين قبل محمد صلى الله عليه وسلم . وأخبر الله الأمم : إنى أحللت الغنائم للمجاهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان المؤمنون إذا أصابوا الغنائم جمعوها ثم أحرقوها بالنيران ، وقتلوا الناس والأسارى والدواب ، وهذا فى الأمم الخالية ، فذلك قوله : { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ } فى تحليل الغنائم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فى علمه فى اللوح المحفوظ ، ثم خالفتم المؤمنين من قبلكم ، { لَمَسَّكُمْ } ، يعني لأصابكم { فِيمَآ أَخَذْتُمْ } من الغنيمة { عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ آية : 68 ] . ثم طيبها لهم وأحلها ، فقال : { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ } ببدر ، { حَلاَلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ولا تعصوه ، { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } ذو تجاوز لما أخذتم من الغنيمة قبل حلها ، { رَّحِيمٌ } [ آية : 69 ] بكم إذ أحلها لكم ، " وكان النبي صلى الله عليه وسلم جعل عمر بن الخطاب ، وخباب بن الأرت ، أولياء القبض يوم بدر ، وقسمها النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، وانطلق بالأسارى فيهم العباس بن عبد المطلب ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وذلك أن العباس بن عبد المطلب يوم أسر أخذ منه عشرين أوقية من ذهب ، فلم تحسب له من الفداء ، وكان فداء كل أسير من المشركين أربعين أوقية من ذهب ، وكان أول من فدى نفسه أبو وديعة ضمرة بن صبيرة السهمي ، وسهيل بن عمرو ، من عامر بن لؤي ، القرشيان . فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " أضعفوا الفداء على العباس ، وكلف أن يفتدي ابني أخيه ، فأدى عنهما ثمانية أوقية من ذهب ، وكان فداء العباس بثمانين أوقية ، وأخذ منه عشرين أوقية ، فأخذ منه يومئذ مائة أوقية وثمانين أوقية ، فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم : لقد تركتنى ما حييت أسأل قريشاً بكفي ، وقال له صلى الله عليه وسلم : أين الذهب الذى تركته عند امرأتك أم الفضل ؟ فقال العباس : أي الذهب ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك قلت لها : إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا ، فإن حدث بى ما حدث ، فهو لك ولولدك ، فقال : يا ابن أخي ، من أخبرك ؟ قال : الله أخبرنى ، فقال العباس : أشهد أنك صادق ، وما علمت أنك رسول قط قبل اليوم ، قد علمت أنه لم يطلعك عليه إلا عالم السرائر ، وأشهد ألا إله إلا الله ، وأنك عبده ورسوله ، وكفرت بما سواه . "