Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 97-104)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقال النبي صلى الله عليه وسلم حين قدموا المدينة : " لا تجالسوهم ، ولا تكلموهم " ، ثم قال : { ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } ، يعني سنن ما أنزل الله على رسوله في كتابه ، يقول : هم أقل فهماً بالسنن من غيرهم ، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [ آية : 97 ] . { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ } في سبيل الله { مَغْرَماً } لا يحتسبها ، كان نفقته غرم يغرمها ، { وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ } ، يعني يتربص بمحمد الموت ، يقول : يموت فنستريح منه ولا نعطيه أموالنا ، ثم قال : { عَلَيْهِمْ } بمقالتهم { دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ } ، نزلت في أعراب مزينة ، { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } لمقالتهم ، { عَلِيمٌ } [ 98 ] بها . { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } ، يعني يصدق بالله أنه واحد لا شريك له ، { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِر } ، يعني يصدق بالتوحيد وبالبعث الذي فيه جزاء الأعمال ، { وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ } في سبيل الله { قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ } يعني واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتخذ النفقة والاستغفار قربات ، يعني زلفى عند الله ، فيها تقديم ، يقول : { أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ } عند الله ، ثم أخبر بثوابهم ، فقال : { سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ } ، يعني جنته ، { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لذنوبهم ، { رَّحِيمٌ } [ آية : 99 ] بهم ، نزلت في مقرن المزني . ثم قال : { وَٱلسَّابِقُونَ } إلى الإسلام ، { ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ } الذين صلوا إلى القبلتين ، علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، وعشر نفر من أهل بدر { وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم } على دينهم الإسلام ، { بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } بالطاعة ، { وَرَضُواْ عَنْهُ } بالثواب ، { وَأَعَدَّ لَهُمْ } في الآخرة { جَنَّاتٍ تَجْرِي } من { تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ } ، يعني بساتين تجرى تحتها الأنهار ، { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } لا يموتون ، { ذٰلِكَ } الثواب { ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ آية : 100 ] . { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ } ، يعني جهينة ، ومزينة ، أسلم ، وغفار ، وأشجع ، كانت منازلهم حول المدينة وهم منافقون ، ثم قال : { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } منافقون ، { مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ } ، يعني حذقوا ، منهم : عبد الله بن أبي ، وجد بن قيس ، والجلاس ، ومعتب بن قشير ، ووحوج بن الأسلت ، وأبو عامر بن النعمان الراهب ، الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم الفاسق ، وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة ، { لاَ تَعْلَمُهُمْ } يا محمد ، { نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } ، يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : لا تعرف نفاقهم ، نحن نعرف نفاقهم ، { سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ } عند الموت تضرب الملائكة الوجوه والأدبار ، وفى القر منكر ونكير ، { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } [ آية : 101 ] ، يعني عذاب جهنم . { وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً } ، يعني غزاة قبل غزاة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم ، { وَآخَرَ سَيِّئاً } تخلفهم عن غزاة تبوك ، نزلت في أبي لبابة ، اسمه مروان بن عبد المنذر ، وأوس بن حزام ، ووديعة بن ثعلبة وكلهم من الأنصار ، وذلك حين بلغهم " أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقبل راجعاً من غزاة تبوك ، وبلغهم ما أنزل الله عز وجل في المتخلفين ، أوثقوا أنفسهم هؤلاء الثلاثة إلى سواري المسجد ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من غزاة صلى في المسجد ركعتين قبل أن يدخل إلى أهله ، وإذا خرج إلى غزاة صلى ركعتين ، فلما رآهم موثقين ، سأل عنهم ، قيل : هذا أبو لبابة وأصحابه ، ندموا على التخلف ، وأقسموا ألا يحلو أنفسهم حتى يحلهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وأنا أحلف لا أطلق عنهم حتى أومر ، ولا أعذرهم حتى يعذرهم الله عز وجل " ، فأنزل الله في أبى لبابة وأصحابه : { وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً } ، يعني غزوتهم قبل ذلك ، { وَآخَرَ سَيِّئاً } ، يعني تخلفهم بغير إذن ، { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لتخلفهم ، { رَّحِيمٌ } [ آية : 102 ] بهم . قال مقاتل : العسى من الله واجب ، فلما نزلت هذه الآية حلهم النبى ، عليه السلام ، فرجعوا إلى منازلهم ، ثم جاءوا بأموالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : هذه أموالنا التى تخلفنا من أجلها عنك ، فتصدق بها ، فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذها ، فأنزل الله : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } من تخلفهم ، { وَتُزَكِّيهِمْ } ، يعني وتصلحهم { بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } ، يعني واستغفر لهم ، { إِنَّ صَلَوَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ } ، يعني إن استغفارك لهم سكن لقلوبهم وطمأنينة لهم ، { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } لقولهم : خذ أموالنا فتصدق بها ، { عَلِيمٌ } [ آية : 103 ] . بما قالوا . { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ } ، يعني ويقبل { ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } [ آية : 104 ] ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من أموالهم التى جاءوا بها الثلث ، وترك الثلثين ؛ لأن الله عز وجل ، قال : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ } ، ولم يقل : خذ أموالهم ، فلذلك لم يأخذها كلها ، فتصدق بها عنهم .