Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 19-25)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مددناها : بسطناها . رواسي : هي الجبال الثابتة . موزون : مقدر . فانزلنا : فأعطينا . لواقح : جمع لاقح . معناها حوامل للماء ، ومعنى آخر لانها تلقح النباتات والشجر . المستقدمين : الذين ماتوا . المستأخرين : الاحياء الذين لم يموتوا بعد . { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } . وخلقنا لكم الأرضَ ومهّدناها حتى صارت كالبساط الممدود ، ووضعنا فيها جبالاً راسياتٍ ثابتة ، وأنبتْنا لكم فيها من كلّ أنواعِ النبات ما يحفَظ حياتكم ، وجعلناه مقدَّراً بأزمانٍ معيَّنة في نموِّه وغذائه ، ومقدِّرا بمقدار حاجتكم ، في أشكاله في الخلْق والطبيعة . وتقرر هذه الآية حقيقةَ كونيةً لم تُعرَفْ الا في العصور الأخيرة ، وهي ان كلَّ صنفٍ من النبات أفرادُه متماثلة من الوجهة الظاهرية ، وكذلك في التناسُق الداخلي ، التوازنُ دقيق في كل أجهزةِ النبات المختلفة ، وكذلك بين الخلايا لتحقيق الغرض الذي وُجدت من أجْله . { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } . وجلعنا لكم في الأرضِ أسبابَ المعيشة الطيّبة من غذاءٍ وماءٍ ، ولباسٍ ودواء ، ومعادنَ تنفعون بها ، وغيرِ ذلك مما لا يُعَدّ ولا يُحصى . وكما أن فيها أسبابَ المعيشة الطيّبة ففيها المعيشةُ لمن يكونون في وَلايتكم من عيالٍ وأبتاع ، فاللهُ وحدَه يرزقُهم وإياكم ، فكلُّ أولئك رِزْقُهُم على خالِقهم لا عليكم . { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } . وما من شيء ينتفعُ به العبادُ من المصادرِ والموارد إلا هو موجودٌ عندنا مخزون ، وما نعطيه الا بقدَر معلومٍ وحسْبَ مشيئِتنا وحاجةِ الخلق اليه . ثم فصّل بعض ما في خزائنه من النعم فقال : { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ } . وقد أرسل الله تعالى الرياحَ بالماءِ تحملُه ، فتحيي الأمطار الخلقَ والأرض وتعطيها حياةً جديدة ، فتُزهرُ بكلّ لونٍ بهيج ، ويشرب منها الإنسانُ ويسقي زرعه وحيوانه . والخلاصة : نحن القادرون على ايجاد الماء وخزنه في السحاب وإنزاله مطراً ، وما أنتم على ذلك بقادرين ، لأنه في دورة مستمرة ، يبتخر من البحر والأرض ، ثم تحمله السحب فينزل على الارض ويعود الى البحر . وقد زاد بعض المفسرين معنى آخر لكملة لواقح فقالوا : إن الرياح تحمل اللقاح من شجرةٍ الى شجرة ، ومن نبته الى أختها ، وهذا ايضا لم يكن معروفا في الازمان السابقة ، فيكون هذا ايضا من معجزات القرآن الكريم . قراءات : قرأ حمزة وحده : " وارسلنا الريح " بالإفراد ، والباقون بالجمع كما هو في المصحف . بعد ان ذكر الله تعالى نظم المعيشة في هذه الحياة بين ان الحياة والموت بيده وانه هو الحي الباقي يرث الارض ومن عليها . { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ ٱلْوَارِثُونَ } . ان كل شيءٍ في هذه الحياة مَرْجِعُه الى الله ، الحياةُ والموتُ بيده ، وسيموت الخلقُ جميعا ولا يبقى حي سواه . { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } [ الرحمن : 26 - 27 ] . { وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَأْخِرِينَ } . ولقد عَلِمْنا من مضى منكم وأحصيناهم وما كانوا يعملون ، وعَلِمْنا من هو حيّ ومن سيأتي بعدكم ، فلا تخفى علينا أحوالكم ولا أعمالكم . { وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } . وسيجمع الله المتقدِّمين والمتأخرين جميعاً عنده يومَ القيامة وإليه المصيرُ ، حيث يجازي كّلاً بما عمل ، وهو حكيم يقدّر لكل أمةٍ أجَلَها بحكمته ، ويعلم متى تموت ومتى تُحشر .