Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 94-100)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ان تزل قدم بعد ثبوتها ان تقعوا في المحن والخطايا ما عندكم ينفد : ينتهي ولا يبقى . فاذا قرأت القرآن : فاذا اردت ان تقرأ القرآن . السلطان : التسلط . يتولونه : يطيعونه . { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوۤءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . يؤكد الله تعالى على التمسّك بالعهود والأيمان ، والمحافظة عليها ، ويحذّر من نقضها واتخاذها سبيلاً للمكر والخديعة والتغرير بالناس ، رجاء منفعة دنيوية زائلة . وفي هذه الآيات تهديد ووعيد لمن ترك الحق الى الباطل ، والهدى الى الضلال . ثم اكد هذا التحذير بقوله : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } . لا تغرَّنَّكم الدنيا فتؤْثِروا منافعكم الخاصة بنقض العهود ، فانّ متاعَ الدنيا قليل زائل ، مهما كان كثيراً ، وان ما عند الله من جزيل الأجر والثواب هو خيرٌ لكم من ذلك العَرَض القليل إن كنتم من ذوي العقول الراجحة . { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } . ان كل ما عندكم زائل لا يبقى ، وما عند الله من نعيم الآخرة خالد لا ينقطع ، وسوف نكافئ الذين صبروا على مشاق التكليف بما وعدناهم ، بثوابٍ احسن بكثير مما كانوا يعملون … ينعمون به دائما في جنات عدن . قراءات : قرأ ابن كثير وعاصم : " ولنجزين " بالنون ، والباقون " وليجزين " بالياء . ثم رغّب في المثابرة على أداء الطاعات والواجبات الدينية فقال : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } . في هذه الآيات الكريمة حَضٌّ على العمل الصالح لجميع الناس ذكورا واناثا ، وان العمل الصالح مع الايمان جزاؤه حياة طيبة في هذه الدنيا ، يحيا فيها مطمئنا في رعاية الله وعند الله في الآخرة له الجزاء الأوفى ، والنصيب العظيم من الأجر والثواب . وقد كرر الله قوله : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } للترغيب في العمل الصالح . { فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } . هنا يرشدنا الله تعالى الى ان الذي يحمي النفس من كل شر هو القرآن الكريم ، فاذا اردت ايها المؤمن ان تقرأ القرآنَ فاستعذْ بالله من الشيطان الرجيم ، وبذلك تفوز بطيب الحياة في الدارَين . { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } . إذا فعلت أيها المؤمن ما أمرك الله مخلصاً ، حماك الله من الشيطان ، لأنه لا تأثير له على الذين آمنوا بصدق ، وعلى ربهم يتوكلون ، واليه بقلوبهم يتوجهون . أما الفريق الثاني الذين يجعلون الشيطان وليَّهم ، ويستسلمون له بشهواتهم ونزواتهم فهم الذين عناهم بقوله : { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } . يعني أنهم اشركوا بسبب طاعتهم للشيطان وليِّ امرهم ، وبسبب اغوائه لهم - بالله جلّ جلاله .