Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 16-21)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المترفون : المنعمون المتمردون الذين لا يبالون . امرنا مترفيها : بالطاعة ، ففسقوا . فدمرناها : اهلكناها . العاجلة : الدنيا . يصلاها : يدخلها ويقاسي حرها . مدحورا : مطرودا . محظورا : ممنوعا . { وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } . الحياة لها قوانين لا تختلف ، وسنن لا تتبدل كما بين الله لنا ذلك ، والله لا يأمر بالفسق والفحشاء ، ولكن اذا كثر الفساد في مجتمع ما ، وطغى كبراؤه بالانغماس في اللذات واتباع الشهوات ، ولم يوجد من يضع حدا لهذه الفوضى ، ويضرب على ايديهم - نزل بلاء الله بهم وهلكت القرية ودمرت بمن فيها . ويوضح هذا قراءةُ الحسن البصري : أمّرنا مترفيها ، بتشديد الميم . وبذلك تكون الصورة واضحة تمام الوضوح ، والناس دائما تبع للمترفين من السادة والرؤساء . قراءات : قرأ يعقوب : امرنا بمد الهمزة . وقرأ الحسن البصري : " امرنا " بالتشديد وهي ليست من القراءات السبع المعتمدة . { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً } . وقد أهلكنا أمماً كثيرة من بعد نوحٍ ، قبلكم ، بتمردهم على انبيائهم وجحودهم آيات الله ، وحسبك ايها الرسول بيان ربك وإعلامه بأنّ الله عالمٌ بكل شيء ، وهو الخبيرُ بذنوب عبادِه البصير بها . وفي هذا تهديدٌ ووعيدٌ لمن كذّبه من قومه . ثم قسم الله عباده قسمين : محبٍ للدنيا لا يشبع منها ، ومؤمنٍ مخلص محب للآخرة : { مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } . من كان يطلب لذات ومتاعها ويعمل لها ولا يؤمن بالآخرة عجلنا له في الدنيا ما نشاء من الغنى والسعة في العيش ، وله في الآخرة جهنم يصلاها خالدا محتقراً مطرودا من رحمة ربك . { وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً } . ومن اراد بعمله الآخرة ، وعمل لها وهو مؤمن بالله وجزائه فاولئك يقبلهم بالله تعالى ، وينالون عنده خير الثواب . ثم بين الله تعالى ان عطاءه لا يخطر على بالِ احد فقال : { كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } . ورزقُ الله وعطاؤه للناس اجمعين فكل من يعمل ويسعى يحصل على عطاء ربنا في هذه الدنيا ، وما كان عطاء ربك ممنوعا من احد ، مؤمنا كان او كافرا ، ما داموا يعملون وينشطون في هذه الحياة . { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } . ان التفاوت في هذه الحياة المعيشة ملحوظ بين الناس بحسب وسائلهم وأسبابهم ونشاطهم في الاعمال . وان تفاوتهم في الدار الآخرة اكبر درجات من تفاوتهم في الدنيا ، فالآخرة هي التي تكون فيه الرفعة الحقيقية ، والتفاضل الحقيقي .