Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 71-82)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
إِمرا : منكرا . لا ترهقني : لا تحمّلني ما لا اطيق . العسر : الشدة والمشقة وضد اليسر ، يعني ارفق بي وعاملني باليسر . زكية : طاهرة من الذنوب . نكرا : منكرا تنفر منه النفوس . قد بلغت من لدني عذرا : وجدت عذرا من قبلي . استطعما اهلها : طلبا منهم ان يطعموهما . جدارا يريد ان ينقض : حائطا مشرفا على السقوط . فأقامه : فسوّاه ورممه . هذا فراق بيني وبينك : إلى هنا انتهى اجتماعنا . سأنبئك بتأويل : سأخبرك بتفسير ما لا تعرفه . خيرا منه زكاة : احسن منه طهارة . واقرب رحما : قرابة ورحمة . كنز : مال مدفون تحت الجدار . يبلغا اشدهما : بلوغ الرشد وكمال العقل . فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ، حتى وجدا سفينة فركباها ، فخرقها العبد الصالح فاعترض موسى قائلا : أخرقتَ السفينة لتغرق من فيها من الركاب ؟ لقد ارتكبت امراً منكرا . قال العبد الصالح : { أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } لما ترى من اعمالي ولا تدرك سرها . قراءات : قرأ حمزة والكسائي : " ليغرق اهلها " بالياء ورفع اهلها . قال له موسى : لا تؤاخذني فقد نسيت العهد الذي بيننا ، ولا ترهقني وتكلفني مشقة ويسّر عليّ أمري . وخرجا من السفينة فانطلقا يمشيان ، فلقيا صبياً ، فقتله العبد الصالح ، فقال موسى مستنكرا هذا العمل : كيف تقتل نفسا طاهرة بريئة من الذنوب ، ولم ترتكب ذنبا ! { لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } لقد ارتكبت اثما عظيما . الى هنا تم تفسير الجزء الخامس عشر ، والحمد لله على ذلك ، واسأل الله تعالى ان يعين على اتمامه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } . قال العبد الصالح : لقد قلت لك : انك لن تستطيع الصبر على ما ترى من اعمالي . قال موسى : ان سألتك عن شيء بعد هذه المرة عن عجيب افعالك التي اشاهدها فلا تصاحبني ، قد بلغتَ الغاية التي تعذر بسببها في فراقي . قراءات : قرأ يعقوب : فلا تصحبني . والباقون : فلا تصاحبني . وقرأ نافع : من لدني . بتخفيف النون . وقرأ ابو بكر : من لدني : بإسكان الدال . قرأ ابن كثير والبصْرِيَّان : لتخِذت عليه اجرا ، بفتح التاء وكسر الخاء . فانطلقا يمشيان حتى وصلا الى قرية ، فطلبا من اهلها ان يطعماهما ، فرفضوا ان يضيّفوهما ووجدا في القرية جدارا يكاد يسقط ، فسوّاه العبد الصالح ورممه . فقال موسى : لو شئت لطلبت اجرة على بنائه . فقال : هذا الاعتراض الدائم منك على ما افعل سبب الفراق بيني وبينك ، وسأخبرك بحكمة هذه الافعال التي خفي عليك امرها ولم تستطع الصبر عليها . اما السفينة التي احدثتُ فيها خرقا ، فهي لمساكين ضعفاء يعملون بها في البحر لتحصيل رزقهم ، فاحدثتُ فيها عيبا ، لانه كان هناك ملك يغتصب كل سفينة صالحة ، وبعملي هذا نجت السفينة من ذلك . واما الغلام الذي قتلته ، فكان ابواه مؤمنين ، وعلمت انه ان عاش فإنه سيكون سبباً لكفرهما . واراد ربك بقتله ان يعوضهما خيرا منه ديناً واقرب براً ورحمة . واما الجدار الذي أقمته دون اجر ، فكان لغلامين يتيمين من اهل المدينة ، وكان تحته مال مدفون تركه ابوهما لهما ، وكان رجلا صالحا ، فاراد الله ان يحفظ لهما ذلك المال حتى يبلغا رشدهما ويستخرجاه ، رحمة بهما ، وتكريماً لأبيهما . واعلمْ اني ما فعلت هذا كله بأمري واجتهادي من عند نفسي ، وانما فعلته بتوجيه من ربي ، هذا تفسير ما خفي عليك يا موسى ، ولم تستطع الصبر عليه . قرأ نافع وابو عمرو : ان يبدلهما بتشديد الدال . وقرأ ابن عامر ويعقوب وعاصم : رحما بضم الراء واسكان الحاء . والباقون : رحما بضم الراء والحاء . اختلف المؤرخون والمفسرون في شخصية ذي القرنين ، فقال كثير من المفسرين انه اسكندر المقدوني ، وفي تاريخ ملوك حمير واقيال اليمن ان ذا القرنين هو تبَّع بن شمر يرعش … وانه غزا بلاد الروم واوغل فيها حتى وصل الى وادي الظلمات . وفي رواية انه الصعب بن تبع ابن الحارث ويلقب بذي القرنين ، وروايات كثيرة ، وكلها من باب الرجم بالغيب والظن الذي لا يغني عن الحق شيئا . ويقول ابو الكلام أزاد في كتابه عن ذي القرنين انه " كورش الأكبر " مؤسس الاسرة الاخمينية ، والذي يقول العقاد إننا اذا انعمنا النظر في التاريخ نجد ان اوصافه تنطبق على ما وصف به القرآن ذا القرنين ، اذ كان ملهماً وفاتحا عظيما ، غزا الارض شرقا وغربا واقام سدا ليصد به هجمات المغيرين من " يأجوج ومأجوج " على بلاده . واما اسكندر المقدوني فقد كان وثنيا معروفا بالقسوة والوحشية ، ثم ان الاسكندر لا يعقل ان يكون هو باني سور الصين ، فهو اولاً لم يصل الصين ، بل عاد من الهند حيث تمرد عليه رجاله ، وان سد الصين بني بعده بنحو مائة وعشرين سنة . ما بين سنة 246 - 209 قبل الميلاد وبانيه معروف وهو الملك " ش هو انجتي " . وطول سد الصين 2400 كيلو متر استغرق بناؤه سنين عديدة . وسيأتي الكلام على السد ومكانه قريبا .