Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 83-91)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكراً : خبرا . مكنّا له في الارض : جعلنا له قوة وسلطة . آتيناه من كل شيء سببا : هيأنا له السبب الذي يوصله الى ما يريد . وأتبع سببا : سار في طريقه . حمئة : ذات طين اسود . نكرا : فظيعا . الحسنى : المثوبة الحسنة . يسرا : سهلا ميسرا . خبرا : علما . { وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً } يسألك بعض زعماء قريش ايها الرسول عن نبأ ذي القرنين فقل لهم سأقص عليكم بعض اخباره . روي في سبب نزول سورة الكهف ان زعماء قريش ارسلوا النضر بن الحارث وعقبة بن ابي معيط الى احبار اليهود بالمدينة ، وقالوا لهما : سلاهم عن محمد وَصِفا لهم صفته ، واخبراهم بقوله فانهم اهل الكتاب الاول ، وعندهم ما ليس عندنا من علم الانبياء … فقال لهم اليهود : سلوه عن ثلاث ، فان اخبركم بهن فهو نبي مرسل والا فهو رجل متقوِّل فروا فيه رأيكم : سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الاول ، ما كان من امرهم ، فانهم كان لهم حديث عجيب ، وسلوه عن رجل طوّاف بلغ مشارق الارض ومغاربها ، ما كان نبؤه ؟ وسلوه عن الروح ما هو ؟ فان اخبركم بذلك فهو نبيّ فاتبعوه … فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش فقالا : يا معشر قريش ، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد ، فأخبروهم بما قال اليهود . فجاؤا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه عن هذه الأمور الثلاثة . فقال : اخبركم غدا عما سألتم ولم يَقُلْ ان شاء الله ، ومكث خمس عشرة ليلة لم يأته الوحي . فأرجف اهل مكة وقالوا : وعدنا محمد غدا ، واليوم خمس عشرة قد اصبحنا فيها لا يخبرنا بشيء عما سألناه ! وشق ذلك على النبي الكريم ، ثم جاءه جبريل بسورة الكهف . وهناك روايات اخرى في سبب النزول ولا يهمنا ذلك كله ، والمهم العبرة من القصص القرآني ويكفينا ذلك . { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } انا مكنا لأمره في الأرض ، فاعطيناه سلطانا قويا ، ويسرنا له اسباب الحكم والفتح ، واسباب البناء والعمران ، وآتيناه الكثير من العلم بالاسباب كي يستطيع توجيه الأمور ، ورحل ثلاث رحلات : واحدة الى المغرب ، وواحدة الى المشرق ، وواحدة الى ما بين السدّين . قراءات : قرأ ابن عامر واهل الكوفة : فأتْبع سببا ، بفتح الهمزة وسكون التاء ، والباقون : فاتَّبع سببا : بجعل الهمزة الف وصل ، وتشديد التاء المفتوحة . { فَأَتْبَعَ سَبَباً } ومضى بهذه الاسباب يبسط سلطانه على الارض ، حتى اذا وصل الى مكان بعيد جهة مغرب الشمس ، ووقف على حافة البحر ، وجد الشمس تغرب عند عين ذات حمأة وطين اسود ، ووجد بالقرب من هذه العين قوما كفارا . فألهمه الله ان يتخذ فيهم احد امرين : اما ان يدعوهم الى الايمان ، وهذا امر حسن في ذاته ؛ واما ان يقاتلهم إن لم يجيبوا داعي الايمان . قراءات : قرأ ابن عامر واهل الكوفة الا حفصا : في عين حامئة . والباقون : في عين حمئة بفتح الحاء وكسر الميم وفتح الهمزة ، كما هو في المصحف . قرأ اهل الكوفة الا ابا بكر : فله جزاءً الحسنى : بنصب جزاء مع التنوين . والباقون فله جزاءُ الحسنى : برفع جزاء واضافته الى الحسنى . فقال ذو القرنين : ان من ظلم نفسه بالبقاء على الشرك ، استحق العذاب في هذه الدنيا على يديه ، ثم يرجع الى ربه فيعذبه عذابا شديدا . واما من استجاب وآمن بِرِبِه وعمل صالحا ، فله المثوبة الحسنى في الآخرة ، وسنعامله في الدنيا برفق ولين ويسر . { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } وقفل راجعا من مغرب الشمس حتى بلغ مشرق الشمس حيث بلغ غاية المعمور من الارض في ذلك الزمن ، فوجدها تطلع على قوم ليس لهم بناء يكنّهم ، ولا لباس لهم ، فهم عراة في العراء او في سراديب في الارض . { كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً } ان امر ذي القرنين كما وصفنا من قبل بلوغه طرفي المشرق والمغرب ، ونحن مطلعون على جميع احواله لا يخفى علينا شيء منها .