Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 195-195)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

التهلكة : الهلاك والمراد به هنا التقصير في بذل المال استعداداً للجهاد . لم يكن في بدء الاسلام جنود يأخذون رواتب ، بل تطوُّع بالنفس وتطوع بالمال . وكان كثير من فقراء المسلمين الراغبين في الجهاد يأتون الى النبي صلى الله عليه وسلم يطلبون منه ان يزودهم بدابة تنقلهم ، فاذا لم يجد ما يحملهم عليه { تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ … } حزنا ، حيث لم يجدوا ما ينفقون . فالله سبحانه وتعالى يعلّمنا في هذه الآية الكريمة درسا عظيماً . حيث يقول : وانفقوا الأموال في الإعداد للقتال في سبيل الله ، ولا تقعدوا عنه ، فانكم ان تقاعدتم وبخلتم رَكبَكُم العدو وأذلّكم ، فكأنما ألقيتم بأيديكم الى الهلاك . وهذا ما قاله الصحابي الجليل أبو أيوب الانصاري كما رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه قال : " انما نزلت هذه الآية فينا معشر الانصار لمّا اعز الله الاسلام وكثر ناصروه ، فقال بعضنا لبعض سراً : ان أموالنا قد ضاعت وان الله قد أعزّ الاسلام ، وكثر ناصروه ، فلو قمنا فأصلحنا ما ضاع منها . فانزل الله تعالى على نبيه يرد علينا ما قلنا { وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ … } فما زال ابو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى مات في القسطنطينية ودُفن بها ، وقبره عليه مسجد معروف فيها الى اليوم . فالجهاد بالمال أمر مهم ، بل هو أساس كبير في دعم الجهاد والمحافظة على كيان الأمة . في الآيات التي مرت معنا تحددت النقاط التالية : ( 1 ) شُرع القتال لدفع الأعداء ، لا لذاته ، ولا لحمل الناس على الاسلام . ( 2 ) النهي عن الاعتداء فلا يُقتل من لا يحمل سلاحا ولا من استسلم ، ولا تخرَّب الدور على أهلها ، ولا تهدّم المدن . ( 3 ) ملاحظة الفضيلة التي دل عليها الامر بالتقوى ، فلا تُنتهك الاعراض ، ولا يمثّل بقتيل . ( 4 ) ان القتال ينتهي اذا انتهى المشركون عن فتنة المؤمنين في دينهم . ( 5 ) لا قتال في الأشهر الحرم ، فاذا اعتدى المشركون وقاتلوا وجب قتالهم . ( 6 ) ان ترك الأعداء يقتلون بعضنا من غير ان نقاتلهم لهو هلاكٌ لنا . وهذا ما هو جار الآن بيننا وبين اليهود : يعتدون ويقاتلون ونحن واقفون ننظر ويلوم بعضنا بعضا . فاذا دققنا النظر في هذه المبادىء نجد ان حرب الاسلام فاضلة في بواعثها ، وعادلة في سيرها ومراميها .