Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 28-29)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقوم الاسلام على أصول ثلاثة هي : توحيد الله بالعبادة ، والإقرار برسالة سيدنا محمد ، والايمان بالبعث والنشور . هذه هي أصول الدين عند الله ، بعث بها كلَّ نبي ، وطلبها في كل كتاب ، وأرسل محمداً عليه الصلاة والسلام يجدّدها في القلوب ويحييها في النفوس . والعبادة الكاملة هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر . على هذا درج القرآن يوقظ العقول ، وينبّه الناس الى هذه الأصول ، فهو يُوجّه الأنظار على الدوام الى الأدلة الكونية الدالة على حقيقة الدعوة ، واستبعاد ان يكفر انسان ذو عقل بها بعد ثبوتها في الأنفس والآفاق : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ … } إن حالكم تثير العجب ! كيف تكفرون أيها المشركون والجاحدون ولا توجد شبهة تعتمدون عليها في كفركم ؟ إنكم لو نظرتم في أنفسكم ، وعرفتم كيف كنتم والى إين سترجعون ، لأفقتم من غفلتكم هذه . لقد كنتم أمواتا في حالة العدم ، فخلقكم الله ووهبكم هذه الحياة جاعلاً إياكم في أحسن تقويم . ثم انه تعالى يعيدكم أمواتا ، ثم يعيدكم أحياء للحساب والجزاء يوم القيامة ، إنّكم إليه لا الى غيره تعودون . ثم بيّن الله في الآية للناس نعمة أخرى مترتبةً على خلْقهم وايجادهم ، وهي أنه هو الذي تفضل على الخَلق فخلَق لمنفعتهم كل هذه النعم الموجودة في الارض ، توجهت ارادته الى السماء فجعل منها سبع سماوات منتظمات ، فيها ما ترون أيها الناس وما لا ترون ، والله محيط بكل شيء . ولكلمة " استوى " عدة معانٍ ، فيقال : استوى الشيء أي اعتدل ، وسوّيت الشيءَ فاستوى عدلته فاعتدل ، واستوى الطعام نضح ، والعود استقام ، والرجل انتهى شبابه وبلغ أشُدَّه واستقام أمره . واستوى على دابّته استقر ، وعلى سرير الملك جلس واستولى عليه ، واستوى الى الشيء قصد . يصح أن يراد بِـ " سَبْع سماواتٍ " الطبقات المختلفة لما يحيط بالارضِ . وذلك ان الله تعالى بعد ان أكمل تكوين الأرض ودبّت الحياة على سطحها كيَّف سبحانه جَوَّ الارض المحيط بها بما يلائم هذه الحياة ويحفظها من أهوال الفضاء . وهكذا كانت طبقات الجو المختلفة ، ودوائر التأمين في الفراغ الكوني الذي يحدثنا العلم عن بعضها . والحق ان هذه الطبقات لم تُعرف الا من جديد ، ولا يزال علم الفلك حتى الآن في طفولته ، فأنى لمحمد ان يعلم هذه الأمور إلا من الله العليّ الحكيم ! لقد بعثه بالحق وأنزل عليه الوحي وعلّمه بالقرآن ما لم يكن يعلم .