Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 49-53)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في هذه الآيات تعداد لنعم الله تعالى على بني اسرائيل ومننه الكثيرة ، فيقول تعالى : واذكروا من نِعَمنا عليكم أن أنجيناكم من ظلم فرعون وأعوانه الذين كانوا يذيقونكم أشد العذاب ، فإنهم كانوا يذبحون الذكور من أولادكم تحسّباً من أن ينازعوهم في حكم البلاد ، ويبقون الإناث ليتخذوهن جواري لهم . وفي هذا العذاب والتعرض للفناء بلاء شديد من ربكم لكم واختيار عظيم . وفرعون لقبٌ لمن ملك مصر قبل البطالسة ، مثل كسرىعند الفرس وقيصر عند الروم ، وتُبَّع في اليمن ، والنجاشي في الحبشة . واذكروا كذلك من نعم الله عليكم أننا شققنا من أجلكم البحر وفصلنا بعضه عن بعض لتسيروا فيه ، فتتخلصوا وتنجوا من ملاحقة فرعون وجنوده … هكذا نجوتم ، كما انتقمنا لكم من عدوكم فأغرقناه أمام أبصاركم . وهذه القصة من خوارق العادات ومن معجزات الأنبياء التي يؤيدهم الله بها حين يرسلهم . وخوارق العادات جائزةٌ عقلا ، وهي خاضعة لارادة الله وفق النواميس الطبيعية التي وضعها سبحانه وتعالى ، لكن تفسيرها هو الذي يبدو خارقاً . فالحق أن السنن والقوانين الكونية لا تحكُم على واضعها ومبررها بل هو الحاكم المتصرف فيها . واذكروا حين واعد ربُّكم موسى أربعين ليلة لمناجاته ، وتلقى التوراة . فلما ذهب موسى الى ميعاده ، بعد اجتياز البحر سألتموه أن يأتيكم بكتاب من ربكم ، فلمّا أبطأ علكيم اتخذتم عِجْلاً من ذهبٍ وعبدتموه من دون الله . بذلك عدتم الى كفركم والإشراك في الله . يومذاك كان الذهب هو ربكم ، فبئس ما تفعلون . أما العجل فقد استعاروه من عبادة الكنعانيين . والمراد بهذه الآيات هو تذكير أحفادهم بالنعمة وبيان كفرهم بها . وذلك ليظهر أن تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بغريب منهم ، بل هو معهود فيهم . وهو دليل على أنهم عبيد المادة يجرون وراءها ، هذا ديدنهم منذ أول أمرهم الى الآن . ومن فعلَ هذا من الأمم الأخرى فقد اكتسب بعض صفاتهم … إنه تهوّد . ثم عفَونا عنكم ومحونا عقوبتكم أملاً في ان تنصلح حالكم ولعلّكم تشكرون ربكم على عفوه عنكم ، وفضله عليكم ، وتشجيعاً لأن تداوموا على طاعة الله ورسله . واذكروا حين أنعمنا عليكم فأنزلنا على نبيكم موسى كتاباً من عندنا جعلناه يفرّق بين الحق والباطل ، ويبين لكم الحلال من الحرام . وذلك لكي تسترشدوا بنور هذا الكتاب وتهتدوا من الضلال باتباع ما جاء فيه . القراءات : قرأ نافع ، وابن كثير ، وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي " واعدنا " والباقون " وعدنا " .