Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 36-41)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سؤلك : مطلوبك . مننا : أنعمنا . أوحينا : ألهمنا . اقذفيه في التابوت : ضعيه فيه . فاقذفيه في اليم : فألقيه في البحر . ولتُصنع على عيني : ولتتربى برعايتي . تقر عينها : تُسر به . وفتنّاك : اختبرناك . مدْين : ببلد في شمال الحجاز معروفة الى الآن . { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } . بعد ان سأل موسى ربه فأطال السؤال ، وبسط حاجته ، وهو لا يزال في ذلك الموقف الكريم في ضيافة ربه - منّ عليه ربُّه وأجابه على سؤاله ، قائلا : قد اعطيتُك ما سألتَ يا موسى . ولقد سبق ان تفضّلنا عليك بمنةٍ أخرى من قبل ، وذلك حين ألهمنا أُمَّك إلهاماً كريما كانت فيه حياتك ، ألهمناها ان تضعَك في التابوت ، ( وهو صندوق صغير ) ثم تلقي به في النِّيل ، حتى تنجو أنتَ من فرعون ، لأنه يقتل كُلَّ ذكر يولد في بني اسرائيل . وشاءت إرادتُنا أن يلقي النيل ذلك التابوت في بستانٍ لفرعون ، عدوّي وعدّوك . وبينما فرعون جالس في ذلك البستان مع زوجته إذا بالتابوت يجري به الماء ، فأمر فرعونُ غلمانه بإخراجه . وفتحوه ، فإذا فيه صبي لطيف . فأحبّه فرعون ، وأمر ان يكون تحت رعايته . { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } . وجعلتُ كل من رآك يُحبّك ، ومن ثم أحبَّك فرعونُ وزوجته حتى قالت : { قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } [ القصص : 9 ] . وحتى تتربَّى برعايتي وكما أُحبّ . ورحمةً بأُمك ، هيَّأتُ الظروف حتى جمعتُك بها ، وكانت أُختك تمشي متتبّعةً التابوت حتى علمتْ أينَ ذهب . فجاءت متنكّرة الى قصر فرعون حيث وجدتْهم يطلبون لك مرضعا ، فقالت : هل أدلُّكم على من يرضعه ويحفظه ويربيه ؟ قالوا : نعم ، فجاءت بأُمك ، ورجعتَ إليها حتى تفرحَ وتُسَرَّ وتقر عينُها بك ، ويزول عنها الحزن والقلق عليك . وكنتَ قد قتلتَ نفساً من أهل مصر فنجّيناك مما لحقَكَ من الخوْفِ والغم ، كما جاء في سورة القصص 15 : { فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } وهذا كما يأتي في سورة القصص : حين كبر وشبّ في قصر فرعون ، ونزل المدينةَ يوماً فوجد فيها رجلَين يقتتلان : أحدُهما من شيعته والآخر من شيعة فرعون ، فاستغاثة الّذي هو من شِيعته ، فوكز موسى المصريَّ بيده فسقط ميتاً . ولم يكن موسى ينوي قتله ، فاغتمّ لذلك فهربَ الى مَدْيَن ، وهذا معنى قوله تعالى : { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } . اختبرناك اختباراً شديداً بالغُربة ومفارقة الأهل والوطن . وامتُحن بالخدمة ورعي الغنم ، وهو ربيبُ القصور عند الملوك ، وجازَ الامتحانَ ونجحَ في كل عمل عمله . { فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } . ونجّيناك من الهمّ الذي لحق بك فذهبتَ الى مدين . وهناك لقيتَ شُعَيْبا وتزوّجت ابنته على شرط ان ترعى له الغنم مدة ، وأمضيتَها على أحسنِ حال ، ثم عدتَ من مدين في الموعد الذي قدرناه لإرسالك ، وقد اصفيتك لنفسي وحملِ رسالتي . وفي هذا تشريف كبير لموسى عليه السلام .