Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 49-56)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعطى كل شيء خلقه : اتقن خلْق كل شيء واعطاه صورته وشكله . ثم هدى : ثم عرّفه كيف ينتفع بما أُعطي له . ما بالُ القرون الاولى : ما حال هؤلاء الماضين . لا يضل : لا يخطىء . مهداً : ممهدة كالفراش . وسلك لكم فيها سبلا : سهل لكم فيها طرقا . ازواجا : اصنافا . شتى : مختلفة النفع والطعم واللون . لأولي النهى : لأصحاب العقول ، مفردها : نُهْية . ذهب موسى وهارون إلى فرعون . وتقول الرواية عن ابن عباس أنهما لما جاءا إلى باب فرعون اقاما مدّةً لا يُؤذن لهما ، ثم أُذِن لهما بعد حجاب شديد ، فدخلا ودار بينهما من الحوار ما قصَّه ربنا علينا . قال فرعون وهو جالس في طغيانه وجبروته : مَن ربكما الذي أرسلكما يا موسى ؟ قالا : ربنا الذي منح نعمةَ الوجود لكل موجود ، وأودع في كل شيء صفاتِهِ الخاصة ، وخلَقَه على الصورة التي اختارها سبحانه له . { ثُمَّ هَدَىٰ } ثم أرشده ووجَّهه لما خُلق له . فقال فرعون يحتج بالقرون الأولى الذين لم يعبدوا هذه الإله : وماذا جرى لها ؟ فاجابه موسى : { قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى } . ان عِلْمَ هذه القرون عند ربّي ، وهي من علوم الغيب ، وهي مسجَّلة لديه في كتاب لا يغيب عن علمه شيء منه ، ولا ينساه . ثم عاد الى تتميم كلامه بإبراز الدلائل على الوجود فقال : { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً … } . انه هو الإله المتفضّل على عباده بالوجود والحفظ ، مهَّد لكم الأرضَ فبسطها بقدرته وجعلها لكم كالفراش ، وشقّ لكم فيها طرقاً تسلكونها . وأنزلَ المطر عليها تجري به الأنهار فيها ، فأخرج أنواعَ النبات المختلفة في ألوانها وطعومها ومنافعها . وقال لخلقه يوجِّههم الى الانتفاع بما أخرج من النبات ، كلوا منها ، وارعوا أنعامكم . إن في هذا الخلْق والإبداع والإنعام به دلائلَ واضحة ، يهتدي بها أصحابُ العقول الى الايمان بالله ورسالاته . ثم بين سبحانه أن هذه الدنيا ومن عليها دارُ ممر ، وان هناك حياةً أخرى هي الحياة الدائمة فقال : { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ } . من تراب هذه الارض خلقَ الله آدم وذريته ، وإليها يردّهم بعد الموت ، ومنها يُخرجهم أحياء مرة اخرى للبعث والجزاء . ولقد أرينا فرعون على يد موسى المعجزاتِ البينة المؤيدةَ لرسالته وصِدقه في كل ما اخبر به عن الله ، ومع هذا كله تمادى فرعون في كفره ، وكذّب بكل ما رأى ولم يؤمن . قراءات : قرأ الكوفيون : مهدا . والباقون : مهادا بالجمع .