Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 24-29)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا ذِكر من معي : هذا القرآن الذي معي . وذِكر مَن قبلي : الكتب السابقة . لا يسبقونه بالقول : لا يتكلمون حتى يأمرهم . مشفقون : حذرون ، خائفون . أعاد الاستنكار مرةً أخرى لبشاعة ما يقولون ، ولإظهار جهلهم فقال : { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً … } . بعد هذه الأدلّة التي ظهرت تقولون : إن لله شركاءَ ، فأين الدليل ؟ هاتوا دليلكم على صحة ما تقولون . ان هذا القرآن قد جاءَ مذكّرا لأُمتي بما يجب عليها ، وهذه كتب الانبياء التي جاءت لتذكر الأممَ من قبلي - كلّها تشهد على توحيد الله ، وليس فيها ذِكر للشركاء الذين تزعمون . ولما كانوا لا يجِدون لهم شُبهة فضلاً عن حجة ، ذمَّهم اللهُ على جهلهم بمواضع الحق فقال : { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ } . بل أكثرُ هؤلاء لا يميزون بين الحق والباطل ، وهذا هو السبب في إعراضهم وتجافيهم عن سماع الحق . ثم أكّد ما تقدّم من أدلة التوحيد فقال : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } . ان الرسلَ جميعاً أُرسلوا بالتوحيد ، فهو قاعدة العقيدة منذ ان بعثَ الله الرسلَ للناس ، لا تبديل فيه ولا تحويل ، فأخلِصوا لله العبادة . وبعد أن بين سبحانه بالدلائل القاطعة أنه منزّهٌ عن الشريك والشبيه ، أردف ذلك ببراءته من اتخاذ الولد فقال : { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } . وقال بعض مشركي العرب وهم بعض خُزاعة وجُهينة وبنو سَلَمة : ان الملائكة بناتُ الله ، فردَّ الله عليهم بقوله : سبحانه ، تنزَّه عن أن يكون له ولد ، بل الملائكةُ الذين عنده هم عبادٌ مكرَّمون مقرَّبون . { لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } . لا يتكلّمون إلا بما يأمرهم به ربهم ، ولا يخالفونه في ذلك ولا يتعدون حدود ما يأمرهم به . ثم علّل سبحانه هذه الطاعة بعلمِهِم أن ربَّهم محيطٌ بهم ، لا تخفى عليه خافية من أمرهم فقال : { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } . ان الله يعلم كل أحوالهم واعمالهم ، وما قدّموه وما أخّروه ، وهم لا يشفعون الا لمن رضي الله عنه ، وهم من خوف الله والإشفاق من عقابه دائماً حذِرون . { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } . ومن يقل من الملائكة إني إله ، فذلك جزاؤه جهنم ، ومثل هذا الجزاءِ نجزي كلَّ من يتجاوز حدود الله من الظالمين . قال بعض المفسرين : عنى بهذا إبليسَ حيث ادَّعى الشرِكَة ودعا إلى عبادة نفسِه وكان من الملائكة ، ولم يقلْ أحدٌ من الملائكة إني إله غيره .