Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 37-44)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
خلق الانسان من عَجَل : خلق الله الانسانَ عجولا ، يطلب الشيء قبل أوانه ، والعجلة مذمومة . لا يكفّون عن وجوههم : لا يدفعون ، لا يمنعون . بغتة : فجأة . فتبهتهم : تحيرهم ، تدهشهم . وهم لا ينظرون : لا يُمهلون ، لا يؤخَّرون . ولا هم منا يصحبون : ولا هم منا يجارون ، من الجوار ، ويقال في الدّعاء ، صحبك الله : حفظك وأجارك ، وأصحبَ الرجلَ : حفظه ، وأجاره . { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } . خلق الله الإنسانَ وفي طبيعته العجلة ، فهو دائماً يستعجل الأمور لأنه طُبع على العجلة ، فيريد ان يجد كل ما يجول في خاطره حاضرا . والعَجَلة مذمومة ، وفي المثل : ان في العجلة الندامة ، والعجلة من الشيطان . فتمهلوا أيها المشركون ولا تستعجِلوا طلب العذاب ، سأُريكم آياتي الدالّةَ على صحة رسالة النبي محمد ، وما ينذركم به من عذاب في الدنيا والآخرة . وهم في كل اوقاتهم وحالاتهم مستعجلون . { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } . فهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين : متى يجيئنا هذا الوعدُ بعذاب الدنيا والآخرة الذي تَعِدوننا به ان كنتم صادقين فيما تقولون ؟ لذا بيّن الله شدةَ جهلهم بما يستعجلون ، وعظيمَ حماقتهم لهذا الطلب فقال : { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } . لو يعلم هؤلاء الكفار ما سيكون حالُهم في النار ، يوم لا يستطيعون دَفْعَ النار عن ان تلفح وجوههم وتشوي ظهورهم ، ولا يجدون من ينصرهم وينقذهم - لو يعلمون كل هذا ما قالوا ذلك ، ولا استعجلوا العذاب . وهذا هو الجواب وهو محذوف … ثم بيّن أن هذا الذي يستعجلونه غيرُ معلوم ولا يأتي الا فجأة فقال : { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } . ان الساعة لا تأتي إلا بغتةً ، تفاجئهم فتحيّرهم وتدهشهم ، ولا يستطيعون ردَّها ، او تأخيرعها ، ولا هم يُمهَلون حتى يتوبوا ويعتذروا فقد فات الأوان . ثم سلّى رسولَه الكريم على استهزائهم به فقال : { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } . إن ما حَدَثَ لك من استهزاء قد حدث لرسل قبلك : فحلّ بالّذين سخِروا من رسلهم العذابُ والبلاء ، فلْيعلموا أن مصير المستهزئين بالرسل معروف ، وعاقبتَهم وخيمةٌ ، وسيكون لك النصر المبين ، وفي سورة الانعام { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا } [ الآية : 35 ] . وقد نصره الله وصدق وعده . { قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ } . سَلْهُم أيها الرسول : من يحفظكم في الليل والنهار من عذابِ الرحمن إن نزل بكم ؟ ان الله هو الحارس وصفتُه الرحمةُ الكبرى ، بل هم عن القرآن الذي يذكّرهم بما ينفعهم ، ويدفع العذاب عنهم - منصرفون . وانظر أيها القارىء كيف يصف الله نفسه بالرحمة دائما . ثم يعيد السؤال في صورة اخرى وهو سؤال للأَنكار والتوبيخ : { أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا } كلاّ فهؤلاء الآلهة لا يستطيعون أن يُعِينوا أنفسهم حتى يعينوا غيرهم . { وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ } . ولا هم يُجارون ويُحفظون منا . ثم بين الله تفضُّله عليهم مع سوء ما أتوا به من الاعمال فقال : { بَلْ مَتَّعْنَا هَـٰؤُلاۤءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ أَفَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } . إننا لم نعجِّل لهم العذابَ بل استدرجناهم ومتعناهم حتى طالت أعمارهم وهم في الغفلة فنسوا عهدَنا ، وجهِلوا مواقع نعمتنا ، فاغترّوا بذلك . أفلا يرى هؤلاء المشركون أنّا نقصد الأرض فننقصها من اطرافها بالفَتْح ونصرِ المؤمنين ، ونقتَطعُها من أيدي المشركين . افهم الغالبون ، ام المؤمنون الذين وعدهم الله بالنصر والتأييد ؟