Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 45-50)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الصُم : واحدُه أصم ، الذي لا يسمع . نفحة : الشيء الضئيل . الخردل : نباتُ عشبي ينبت في الحقول ، تُستعمل بذوره في الطب ، والطعام ، ويُضرب به المثل في الصغر . القسط : العدل . حاسبين : محصين عادين . الفرقان : ما يفرق بين الحق والباطل وتطلق على التوراة ، وكذلك على القرآن ، والضياء كالفرقان لأنه ينير الطريق للناس . مشفقون : خائفون . بعد ان بين الله هول ما يستعجلون ، وحالَهم السيئة حين نزوله بهم ، ثم نعى عليهم جهلهم وإعراضهم عن ذِكر ربهم الذي يكلؤهم من طوارق الليل وحوادث النهار - أمَرَ رسولَه الكريم ان يقول لهم : إنما أخبركم به قد جاءَ من عند الله فقال : { قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْيِ } . قل أيها النبي لهؤلاء الجاحدين السادرين في غَيِّهم : إنما أحذّركم بالوحي الصادق الصادر عن الله ، فإن كنتم تسخرون من أمرِ الساعة وأهوالها ، فانها من وحي الله وامره ، لا من وحي الخيال . ثم أردَفَ بأن الانذار مع مثل هؤلاء لا يجدي فتيلا ، فهم كالصمّ الذين لا يسمعون داعي الله فقال : { وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ } . وكيف يُجدي الإنذارُ من كان أصم لا يسمع ! وكيف يسمع الطرش النداءَ حين يوجّه اليهم ! وكل من لا يستجيب لداعي الله فهو أصم ولو كان يسمع ويرى . { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } . وحين يمسهم أقل العذاب يوم القيامة يدعون على أنفسِهم بالويلِ والثبور ويقولون : إنا كنا ظالمين لأنفسنا بكفرنا ، ويندمون على ما فَرَطَ منهم ، لكنه لن ينفعهم الندم ولا الاعتراف بعد فوات الأوان . ثم يبين في خاتمة هذا الحوار ما سيقع من أحداثٍ يوم القيامة وحين يأتي ما أُنذروا به فيقول : { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ } . في ذلك اليوم العظيم نضع الموازينَ العادلة الدقيقة التي تُحصي كل شيء ، ويأخذُ كل انسان حقه كاملاً ، ولا تُظلم نفسٌ شيئا ، ولو كان العمل بوزن حبةِ الخردل . وحبة الخردل جزء من الف جزء من الغرام ، فان الكيلو غرام يحتوي على 913 الف حبة ، وهذا أصغرُ وزنٍ لحبة نبات عُرف حتى الآن . فإن كان الانسانُ اخترع الكمبيوتر ، الذي يحصي أدقّ المعلومات فإن الله عنده ما هو أدق منه وأعدل . ولا يخفى ما في هذه الآية من التحذير الشديد والوعيد . قراءات : قرأ ابن عامر : " ولا تُسمع الصم الدعاء " بضم التاء وكسر الميم . والباقون : ولا يَسْمعُ الصمُّ بفتح الياء والميم ، وضم الصم … وقرأ نافع : وان كان مثقالُ حبة برفع مثقال ، والباقون : مثقالَ بالنصب . { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ } . يبين الله تعالى هنا أن الرسل كلّهم من البشر وهي السُنّة المطّردة ، وأن نزول الكتاب على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعةً مستغربة ، فقد أنزلْنا على موسى وهارونَ الفرقانَ ، وهو التوراة . والفرقانُ من صفات القرآن ايضا ، فالكتب المنزلة من عند الله كلّها فرقان بين الحق والباطل ، وضياء تكشف ظلماتِ القلب ، وتذكير ينتفع به المتقون . ثم يذكر صفاتِ المتقين : { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } . والمتقون هم الذي يخافون ربَّهم في السرّ والغيب والعلانية ، وهم مع ذلك خائفون وَجِلون من عذاب يوم القيامة ، فهؤلاء هم الذين ينتفعون بالضياء ويسيرون على هداه . { وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } . وهذا القرآن الذي انزلنا على محمد الأمين كما انزلنا الذكر على موسى وهارون ، ذكر لكم فيه البركة والخير ، وموعظة لمن يتعظ بها ، أفبعد ان علمتم شأنه وعظمته تنكرونه ، وانتم أولى الناس بالايمان به !