Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 7-15)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أهل الذِكر : العِلم . الجسد : الجسم ذِكركم : عظتكم . كم قصمنا من قرية : كم أهلكنا ، أصل القصم الكسر . أنشأنا : أوجدْنا . أحسّوا : أدركوا . الى ما أترفتم : الى ما بطرتم فيه من نعيم . يا ويلنا : يا هلاكنا ، يا خزينا . حصيدا : مثل الحصيد . خامدين : كالنار التي خمدت وانطفأت . بيّن الله تعالى لهم جواباً لشُبهتهم أن الرسولَ لا يكون بشراً بقوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } وما أرسلْنا قبلك يا محمد من الرسُل إلا رجالاً من البشَر نوحي اليهم الدِّينَ ليبلّغوه الى الناس ، فاسألوا أيها المنكِرون أهلَ العلم بالكتب المنزلة ان كنتم لا تعلمون . ثم بيّن الله كون الرسل بشَرا كسائر الناس في أحكام الطبيعة البشرية فقال : { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ } . وما جعلنا الرسُلَ الذين قبلك أجساداً تخالفُ أجسادَ البشر ، فقد كانوا لا يعيشون دون طعام ، وما كانوا مخلَّدين ، بل إنهم كغيرهم من الناس كلّفهم اللهُ بتبليغ الرسالة . قراءات قرأ عاصم : نوحي بالنون ، والباقون : يوحَى بالياء وفتح الحاء . { ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } . إنا ارسلْنا رسلاً من البشر وصدَقناهم وعدَنا فنصرناهم على المكذّبين ، وأنجيناهم هم ومن آمن معهم ، وأهلكنا الذين أسرفوا على أنفسهم في تكذيبهم برسالة أنبيائهم . وبعد أن حقق اللهُ رسالته صلى الله عليه وسلم ببيان أنه كسائر الرسل الكرام - شرع يحقق فضل القرآن الكريم ، ويبيّن نفعه للناس . { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } . لقد أنزلنا إليكم القرآن ورفعنا فيه ذِكركم أيها العرب ، وفيه مجدكم وعِظَتُكم بما اشتمل عليه من مكارم الأخلاق ، وفاضل الآداب وسديد الشرائع والأحكام ، أفلا تتفكرون ؟ ! ، ومَنْ هم العربُ لولا القرآن ؟ هو الذي جعلهم أمةً ذاتَ حضارة ودين قويم ، بعد ان كانوا خاملين يعيشون في ظلام الهمجية والجاهلية . { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ … } . والقصمُ أشدُّ حركات القطع ، والتعبيرُ به يشير إلى شدة وقع الضربة على تلك القرى . وكثير من أهل القرى أهلكناهم بسبب كفرهم وتكذيبهم لأنبيائهم ، ثم أنشأنا بعد إهلاكهم أُمماً أخرى أحسنَ منهم حالاً ومالاً . ثم بيّن حالهم حين حلول البأس بهم فقال : { فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ } . فلما أيقنوا أن العذابَ واقعٌ بهم لا محالة سارعوا الى الهروب ، فخرجوا منها يركضون … ولكن الى اين ! { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } . يُقال لهم على سبيل الاستهزاء والتهكم : لا تهربوا أيها المنكرون ، فلن يعصِمكم من عذاب الله شيء ، ارجعوا الى ما كنتم فيه من نعيم وترف ومساكن طيبة ، لعلّكم تسألون عن ذلك كلّه فيم أنفقتموه . { قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } . حين يئسوا من الخلاص قالوا : يا هلاكنا إنّا كنا ظالمين . بهذا كانوا يحاولون التوبة والاعتذار ، ولكن فات الآوان . { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ } فما زالوا يردّدون هذه المقالة ، ويصيحون بها حتى جعلناهم بالعذاب كالزَّرع المحصود ، خامدين لا حياة فيهم .