Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 76-82)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فبغى عليهم : تكبر وتجبر . الكنوز : جمع كنز : وهو المال المدفون في باطن الأرض ، والمراد به هنا المال المدخَر . مفاتحه : جمع مفتح : ومفاتيح جمع مفتاح والمعنى واحد ، وهو المفتاح المعروف لفتح الابواب . لَتنوء بالعصبة أولي القوة : يعني ان مفاتيح خزائنه من الكثرة بحيث يثقل حملها على الجماعة الاقوياء . لا تفرح : لا تبطَر ، وتتمسك بالدنيا . على علم عندي : على حسن تصرفٍ في التجارة واكتساب المال . ويلكم : كلمة تستعمل للزجر . وي : كلمة يراد بها التندم والتعجب . ويقدر : يضيّق ، يقلل . كان قارون من قوم موسى ، ويقول بعض المفسرين انه تكبّر على قومه غروراً بنفسه وماله ، حيث أعطاه الله من الأموال قدراً كبيرا ، بلغت مفاتيحُ خزائنها من الكثرة بحيث يثقل حملُها على الجماعة الأقوياء من الرجال . وحين اغترّ وكفر بنعمة الله عليه نصحه قومه قائلين : لا تغترّ بمالك ولا يفتنك الفرح به عن شكر الله ، ان الله لا يرضى عن المغرورين المفتونين . وقد أورد القرآن هذه القصة حتى يعتبر قومُ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، إذ أنهم اغترّوا باموالهم ، فبيّن لهم ان أموالهم بجانب مال قارون ليست شيئاً مذكورا . ثم نصحوه بعدة نصائح فقالوا : 1 - { وَٱبْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ } اجعلْ نصيباً منه في سبيل الله والعملِ للدار الآخرة . 2 - { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا } لا تمنع نفسك نصيبها من التمتع بالحلال في الدنيا . كما في الحديث الشريف : " ان لربك عليك حقاً ، ولنفسِك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا " 3 - { وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ } أحسنْ الى عباد الله كما احسن الله اليك بنعمته ، فأيمنْ خلْقه بمالك وجهك ، وطلاقة وجهك ، وحسن لقائهم . 4 - { وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } لا تفسد في الأرض متجاوزا حدود الله ، ان الله سبحانه لا يرضى عن ذلك . قال قارون وقد نسي فضلَ الله عليه : انما أوتيتُ هذا المالَ بعلمٍ خُصصت به . ألم يعلم هذا المغرور ان الله قد أهلكَ من أهلِ القرون الأولى من هم أشدّ منه قوة واكثر جمعا ؟ إنه عليم بالمجرمين ، في غير حاجة لأن يسألهم ماذا يعملون . وتجاهل قارون كل هذه النصائح وخرج على قومه في زينته ، فتمنّى الذين يطلبون الحياة الدنيا مثلَ ما عند قارون ، وقال الذين رزقَهم اللهُ العلم النفع : ويلكم ، ثوابُ الله خيرٌ من هذا لمن آمن وعمل الاعمال الصالحة . ثم ذكر الله ما آل اليه بطره من وبال ونكال فقال : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ … } فخسفنا به الأرض فابتلعته هو وداره بما فيها من أموال وزينة ، فلم يكن له أنصار يمنعونه من عذاب الله ، وما أغنى عنه مالُه ولا خدَمه ، ولا استطاع ان ينصر نفسه . ولما شاهد قوم قارون ما نزل به من العذاب ، صار ذلك زاجراً لهم عن حب الدنيا وداعيا الى الرضا بقضاء الله وبما قسمه لهم . وصاروا يرددون عباراتِ التحسّر والندم ، ويقولون : ان الله يوسع الرزقَ على من يشاء من عباده المؤمنين وغير المؤمنين ، ويقتر ويضيّق على من يشاء منهم . { لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا } . لولا لَطَفَ الله بنا لخسَف بنا الأرض . ثم زادوا ما سبق توكيدا بقولهم : " وَي ، كأنه لا يفلِح الكافرون " ان الكافرين بنعمة الله لا يفلحون . قراءات : قرأ يعقوب وحفص : لخسف بنا بفتح الخاء والسين ، والباقون : لخسف بنا ، بضم الخاء وكسر السين .