Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 33-40)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

منيبين اليه : راجعين اليه بالتوبة . سلطانا : حجة وبرهانا . يَقدر : يضيق . ابن السبيل : المسافر الذي انقطع عن ماله وأهله . الربا : الزيادة . المضعِفون : الذين يضاعف الله لهم الأجر . في هذه الآيات الكريمة صورةٌ للنفس البشرية وتقلُّب الأهواء في السّراء والضراء وعند قبْضِ الرزق وبسطِه . فبعد أن أرشد الله سبحانه الى التوحيد ، وأقام الادلة عليه ، وضرب المثل له - أعقبه هنا بذِكر حال للمشركين يُعرفون بها ، وهي أنهم حين الشدة يتضرعون الى ربهم وينيبون اليه ، فإذا خَلَصوا منها رجعوا الى كفرهم واوثانهم . لذلك خاطبهم الله بصورة الأمر مع التهديد بقوله : { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } . فليضِلّوا ما شاؤا ، فان لهم يوماً يرجعون فيه إلى ربهم … تمتّعوا كما تشاؤن ، فسوف تعلمون عاقبتكم . ثم انكر على المشركين ما اختلقوه من عبادةِ غيره بلا دليل فقال : { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } هل أنزلنا على هؤلاء الذين يشركون في عبادتنا الأوثانَ والأصنامَ كتاباً فيه تصديقٌ لما يقولون ، حتى يكون لهم شبه العذر فيما يفعلون ! ! ثم ذكر حالَ طائفة من الناس دون سابقيهم ، وهم من تكون عبادتُهم الله رهنَ إصابتهم من الدنيا … فإن آتاهم ربهم منها رَضُوا وفرحوا ، واذا مُنعِوا سَخِطوا وقنِطوا فقال : { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } فلو انهم آمنوا ايمانا صادقاً لسلَّموا أمرهم الى الله واستراحوا . وفي الحديث الصحيح : " عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله له قضاءً الا كان خيراً له ، فان أصابته سراء شكرَ فكان خيرا له ، وان اصابته ضراء صبر فكان خيراً له " . { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } وهذا انكارٌ من الله على هؤلاء الناس لما يلحقهم من اليأس والقنوط … ألم يشاهِدوا ويعلموا ان كل شيء بيدِ الله ؛ يوسع الرزق على من يشاء ، ويضيقه على من يشاء بحسب ما تقتضيه حكمته ! ! { فَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } بعد ان بيّن الله تعالى انه هو الذي يرزق ويمنع - بيّن هنا الطريقَ الذي به تزداد أموالهم فيه وتربح ، فاذا كان المال مالَ الله أعطاكم إياه ، فأعطوا الأقرباءَ من الفقراء ، والمساكين الذين لا يعملون ، والغريبَ المسافرَ الذي نفد مالُه ولا يستطيع ان يرجع الى بلده … أعطوهم مما آتاكم الله ، ذلك هو الخيرُ للذين يريدون رضا الله ويطلبون ثوابه ، والفاعلون له هم الفائزون بالنعيم المقيم . وقد جاء في الحديث الصحيح : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا " رواه البخاري ومسلم . { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِندَ ٱللَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ } . وما أعطيتم من مال ليزيد وينمو في أموال الناس على طريقة التسليف بفائدةٍ فانه رِبا حرّمه الله ولا يمكن ان يزيدَ لكم عند الله . أما ما أعطيتم من صدقاتٍ تبتغون بها وجه الله فهو الذي يضاعِف الله به حسناتكم أضعافا مضاعفة . ولما بين الله انه لا زيادة الا فيما يزيده ، ولا خير الا في الطريق المستقيم والبذل في سبيله - أكد ذلك بقوله : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَيْءٍ } ؟ إنه الله ، هو الذي خلقكم ثم أعطاكم الرزق الذي تعيشون به ، ثم يقبض أرواحكم في هذه الدنيا ، ثم يحييكم يوم القيامة ، فهو الذي يستحق العبادة … هل يستطيع احدٌ من الذين تعبدونهم ان يعمل لكم شيئاً مما ذكر ؟ الجواب : لا . { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ؟ قراءات : قرأ الكسائي وابو عمرو : يقنِطون بكسر النون ، والباقون : بضمها . وقرأ ابن كثير : وما أتيتم بالهمزة دون مد ، والباقون : وما آتيتم بالمد . وقرأ نافع ويعقوب : لتربو بالتاء . والباقون : ليربوا بالياء . وقرأ حمزة والكسائي : تُشركون بالتاء . والباقون : يُشركون .