Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 5-8)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يكوّر الليل على النهار : يلفّ الليلَ على النهار ، والنهارَ على الليل ، ويدخلهما في بعض وذلك بفعل دوران الأرض حول نفسها فيُحدِث الليل والنهار . لأجل مسمى : يوم القيامة . أنزل لكم من الأنعام : خلقَ لكم من الانعام . في ظلماتٍ ثلاث : ظُلمة البطن ، وظلمة الرحم داخله ، وظلمة المشيمة . فأنى تصرفون : فإلى أين يعدِل بكم عن عبادة الله الى الشِرك . الوزر : الذنب . ولا تزر وازرة وزر اخرى : لا تحمل نفسٌ آثمة حمل أخرى . بذات الصدور : بما يدور في نفس الانسان . منيباً إليه : راجعاً اليه بالطاعة ، تائبا . خوّله : ملكه . اندادا : جمع نِدّ وهو المثل . خلق الله هذا الكون بما فيه بأبدع نظام وأروع هيئة فهو : { يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ } وهذا تعبير عجيب ينطق بالحقّ والواقع ، فإن تعاقُبَ الليل والنهار لا يحصلان الا لكروية الأرض ودورانها حول نفسها ، فالتكوير معناه لفُّ الشيء على الشيء على سبيل التتابع ، وهذا لم يُعلم الا منذ سنين معدودة . وهذا اكبر دليل على ان القرآن ليس من صنع البشر بل { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } . { وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِي لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى } وجعل الشمس والقمر كل منهما يجري لوقت معلوم ، وكذلك دوران الشمس وجريانها لم يكتُشَف الا بعد الرسول ، وفي بدء دراستنا نحن وأبناء جيلنا مثلاً كان معلمو الجغرافيا يقولون لنا إن الشمس لا تجري ، وكل هذه الكواكب تدور حولها … ثم بعد أن بيّن تعالى أن هذا النظام من خلقه وإبداعه ، وانه مسخّرٌ للإنسان - ذيّل هذه الآية بقوله { أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ } حتى يبين للناس بأنه غفور رحيم ، فلا يقنطون من رحمته بل يسارعون الى طلب المغفرة والرجوع اليه . لقد خلقكم الله ايها الناس من نفسٍ واحدة ، وخلق من هذه النفس زوجاً لها ، وخلق لكم من الانعام ثمانية أزواج هي : الإبل والبقر والضأن والماعز ، فهذه اربعة انواع ثمانية أزواج ، يخلقكم في بطون أمهاتكم طورا بعد طور في ظلمات ثلاث ، هي : ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة . ان خالق هذه الأمور العجيبة هو الله المنعم المتفضّل ، ربكم ومالكُ امركم ، له الملك على الاطلاق في الدنيا والآخرة ، لا معبود بحقٍّ سواه ، فكيف تعدِلون عن عبادته الى عبادة غيره ؟ اين ذهبت عقولكم ! ؟ . وبعد ان اقام الدليل على وحدانيته ، وبيّن أن المشركين ذهبت عقولُهم حين عبدوا الأصنام - بين هنا ان الله هو الغني عما سواه من المخلوقات ، فهو لا يريد بعبادته جَرَّ منفعة ، ولا دفع مضرة ، ولكنه لا يرضى لعباده الكفر ، { وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ } فكل نفس مطالَبةٌ بما عملت ، وبعدئذ تُردّ الى عالم الغيب والشهادة فيجازيها بما كسبت . وهذا مبدأ جاء به الاسلام ، وأصّله القرآن الكريم ، ولم يستقرّ في فقه القانون الا في العصور الحديثة . ثم بين تناقُضَ المشركين فيما يفعلون ، فاذا أصابهم الضرُّ رجعوا في طلب دفْعه الى الله . { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ } وعاد الى عبادة الأوثان . ثم أمر الله رسوله ان يقول لهم متهكّما بهم : { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } مخلَّد فيها . قراءات : قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو والكسائي : وان تشكروا يرضهُ لكم باشباع ضمة الهاء . وقرأ يعقوب يرضهْ باسكان الهاء . والباقون : يرضهُ بضم الهاء بدون مد ولا اشباع . وقرأ ابن كثير وابو عمرو ورويس : لِيَضِل عن سبيله بفتح الياء من يضل . والباقون : لِيُضل بضم الياء .