Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 13-16)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وصّينا الانسان : أمرناه أن يفعل كذا … ومثله أوصاه . كُرها : بضم الكاف وفتحها : مشقة . حَمْله وفصاله : مدة حَمْلِه وفطامه . أشده : صار بالغا مستحكما القوة والعقل . أوزِعني : ألهِمني ، رغّبني ، وفقني . أصلحْ لي في ذريتي : اجعل لي خلَفاً صالحا . في أصحاب الجنة : يدخلون الجنة مع الذين انعم الله عليهم . ان الذين قالوا ربُّنا الله الذي لا إله غيره ، ثم أحسَنوا العملَ واستقاموا عليه بإيمان كامل ، لا خوفٌ عليهم من فزعِ يوم القيامة وأهواله ، وهُم لا يحزنون على ما خلّفوا وراءهم بعد مماتهم ، أولئك هُم أهلُ الجنة خالدين فيها ، ثواباً لهم من الله على أعمالهم الصالحة التي كانوا يعملونها في الدنيا . وهذه أحسنُ بُشرى يزفُّها القرآن الكريم للمحسنين ، فهنيئا لهم . ثم تأتي الوصيّة بالوالدَين ، وقد وردت التوصية بهما في غير آيةٍ لِما للوالدَين من منزلةٍ كبيرة وكريمة في وجود الانسان . ووصّينا الانسانَ بأن يحسِن إلى والديه ويبرَّهما في حياتهما وبعد مماتهما ، وخصَّ الأمَّ بالكلام لأنها تقاسي في حمله مشقةً وتعبا ، وفي وضعه آلاماً كثيرة ، ثم في إرضاعه وتربيته . فالطفلُ يقضي معظم وقتِه مع أمهِ ، وفي رعايتها وحنانها وعطفها … لهذا كلّه تستحقّ الكرامةَ وجميل الصحبة والبر العظيم . وقد وردت احاديث كثيرة تحثّ على بِرّ الأمهات . روى الترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أمَّكَ ثم أمك ثم أمك ، ثم أباك " ورواه أحمد وابو داود والحاكم عن معاوية بن حيدة . وهناك حديث مشهور : " الجنّةُ تحت أقدام الأمهات " رواه الخطيب والقضاعي عن أنسٍ رضي الله عنه ، وروي أيضاً عن ابنِ عباس رضي الله عنه . وعن ابي أمامة رضي الله عنه أن النبي قال لرجلٍ يسأله عن حقوق الوالدين : " هما جنَّتاك وناراك " وفي البخاري ومُسْلم والترمذي : " أحقُّ الناسِ بالصحبة الأم " والأحاديثُ كثيرة يمكن الرجوع اليها في كتب الحديث . { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً } يعني إن مدة الحمل والفطام ثلاثون شهرا ، تكابدُ الأم فيها الآلامَ الجسمية والنفسية ، فتسهَرُ الليالي العديدةَ على طفلها ، وتغذّيه وتقوم بجميع شئونه بلا ضَجَرٍ ولا ملل . ويؤخذ من هذه الآية { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً } ومن الآية : { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ } [ البقرة : 233 ] أنّ أقلَّ مدة الحمل ستةُ أشهرٍ فاذا ولدت امرأة ولداً بعد ستة أشهر من دخولها في عصمة الزوج يُعترف به . حتى اذا بلغ كمالَ قوّته وعقله ببلوغه أربعين سنةً ، ويكون في كامل قواه الجسمية والعقلية ، يقول عندها : ربِّ ألهِمني شُكرَ نعمتك التي تفضّلتَ بها عليّ وعلى والديّ ، ووفقني الى العمل الصالحِ الذي ترضاه ، وارزقني ذريةً صالحة تسير على درب الهدى والايمان ، إني تُبت اليك من كلّ ذنب { وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } المستسلمين لأمرِك ونَهيك . هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات الحميدة نتقبّل منهم أعمالَهم الحسنة ، ونجازيهم عليها أحسنَ الجزاء . وهم منتظِمون في سلك أصحاب الجنة { وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } والله تعالى لا يُخْلف وعده . قراءات : قرأ أهل الكوفة : احسانا وقرأ الباقون : حسنا . وقرأ ابن كثير ونافع والكسائي وابو عمرو : كَرها بفتح الكاف . والباقون : كُرها بضمها وهما لغتان . وقرأ يعقوب : وفصله ، والباقون : وفصاله . وهما لغتان .