Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 12-22)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الرسّ : البئر التي لم تبنَ بالحجارة . واصحاب الرسّ : قوم شعيب . الأيكة : الشجر الكثير الملتف ، وهم من قوم شعيب ايضا . تُبَّع : احد ملوك حمير في اليمن . أفعَيِينا : أفَعجِزنا . في لبس : في شك . الوسوسة : حديث النفس ، وما يخطر بالبال . حبل الوريد : عِرق كبير في العنق . قعيد : مقاعد له كالجليس بمعنى المجالس . رقيب : مراقب . عتيد : مهيأ ، حاضر . سكرة الموت : شدّته . تَحيد : تميل . يوم الوعيد : يوم وقوع العذاب الذي وُعدوا به . سائق وشهيد : سائق يسوقها الى المحشر ، وشاهد يشهد عليها . الغطاء : الحجاب . وهو الغفلة والانهماك في اللذات ، وقصر النظر . حديد : قوي نافذ . بعد ان ذكر اللهُ تعالى تكذيبَ المشركين للنبيّ - ذكر المكذِّبين للرسُل من الأقوام السابقة مثل قوم نوحٍ وأصحابِ الرسّ وثمود ، وعادٍ وفرعون وقومِ لوط وقوم تُبَّع وغيرهم ، وما آل اليه أمرُهم من الدمار والعذاب . وكل ذلك تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم وتهديد لكفار قريش بأنهم سيصيبهم ما أصابَ الذين قبلهم إن أصرّوا على الكفر والعناد . ثم بعد هذا العرض يقول الله تعالى : { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } هل عجَزنا عن ابتداء الخلْق الأول ، حتى نعجِزَ عن إعادتهم مرة اخرى ! بل هم في ريبٍ من ان نخلقهم من جديد . { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } [ الأنبياء : 104 ] . ثم ذكر الله تعالى دليلاً اخر على إمكانه وقدرته ، وهو علمُه بما في صدور الناس جميعا : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } فلا يخفى علينا شيءٌ من أمرِ البشر . ثم بين أكثر من ذلك بقوله : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } ونحن بعلمِنا بأحواله كلها اقربُ اليه من عِرق الوريد ، الذي هو في جسده ذاته . أخرج ابنُ مردويه عن أبي سعيد الخدريّ ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نزل اللهُ في ابن آدم أربع منازل : هو أقربُ اليه من حبل الوريد ، وهو يحُول بين المرء وقلبه ، وهو آخذ بناصيةِ كل دابة ، وهو معهم أينما كانوا " . ثم ذكر اللهُ تعالى ان الانسانَ موكَّلٌ به مَلَكان يكتبان ويحفظان عليه عملَه وأقواله ، فهو تحت رقابة دائمةٍ شديدة دقيقة ، وكل شيء مسجَّلٌ عليه تسجيلاً دقيقا . ثم بعد ذلك يبين الله تعالى أن الانسانَ عند الموت ينكشفُ له كل شيء فقال : { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } . ومعنى ذلك أن النفسَ وهي في سكرات الموت ترى الحقَّ كاملاً واضحاً ، تراه بلا حجاب في تلك الساعة ، وتدرك ما كانت تجهل ، وهو الحق الذي كنتَ تفرّ منه ايها الكافر ، ها قد جاءك فلا حيدَ عنه ولا مناص . ثم بعد ذلك ينعطف الحديث الى يوم القيامة : { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ … } ونفخ في الصور نفخةَ البعث ، وذلك اليوم { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ المطففين : 6 ] ، هو يومُ الوعيد الذي اوعد اللهُ الكفّارَ أن يعذّبهم فيه بعد الحساب . يومذاك تأتي كل نفسٍ إلى ربّها ومعها سائقٌ يسوقها اليه ، وشاهدٌ يشهد عليها بما عملتْ في الدنيا من خير او شر . ثم يقال للمكذَِّب : لقد كنتَ في الدنيا في غفلةٍ تامة عن هذا الذي تراه من الأهوال والشدائد ، فأزلنا عنكَ الحجابَ الذي كان يغطّي عنك أمور الآخرة ، { فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } قويّ نافذٌ لا يحجبه شيء ، فلا مهرب عن عذاب الحريق .